لامع كالعادة، وقائد لنفسه بنفسه مثلما كان منذ 40 سنة وحتى اليوم، ومع تقدم السنين ما يزال ينضح شباباً بشباب.

ظل سنوات خارج سورية، وعندما اندلعت الأحداث والحرب في بلاده، عاد إليها، مسلّماً مفاتيحه الإبداعية لدراماها، على الرغم من العروض الهائلة عليه عربياً.

يتحدث في السياسة لكنه يرفض العمل فيها، ويؤكد أنه حين يشتغل في السياسة سيعتزل الفن.

رحلة مع فكر أحد أبرز وجوه الفن السوري، وإضاءة على مشاريعه الجديدة في الدراما من خلال هذا الحوار الشيق.

رشيد عساف ضيف الفن.. والتفاصيل..

ما الجديد لدى رشيد عساف للموسم المقبل؟

حاليا، أصور مشاهدي في الجزأين الثاني والثالث من مسلسل " طوق البنات" مع المخرج إياد نحاس، وانتهيت من الجزء الثاني وأدخل في الثالث قريباً جداً وهو متابعة للجزء الأول الذي تم عرضه الموسم الماضي في شهر رمضان.

ولديَّ مشروعان خارج سورية، الأول وهو لملحمة عن الثأر والحب في دولة الإمارات وهو كبير وضخم لن أتحدث عنه الآن، إضافة إلى مفاجأة من العيار الكبير لعشاق المسلسلات البدوية إذ سيتم إنتاج جزء ثان من مسلسل " راس غليص" الذي عرض قبل 8 سنوات وسيصور هذا العام ليتم عرضه الموسم المقبل بالتأكيد.

ما التطورات في طوق البنات عما رأيناه في الجزء الأول؟

التطورات كثيرة وكبيرة ومهمة، والإثارة تبدأ منذ الحلقة الأولى مع تسلم أبو طالب، الذي أؤدي شخصيته، للزعامة، والعثور فورا على منافس قوي عليها وهو رجل كان مسافراً وعاد للحارة فيبدأ الصراع على الكرسي فيما يسمح بإسقاط الكثير من القصة على الواقع الذي نعيشه في عالمنا العربي اليوم.

وماذا عن تغيير المخرج من محمد زهير رجب إلى إياد نحاس؟

أمر لا أتدخل فيه ولا أعبر عن رأيي بمسألة التغيير، فالمسألة تعود للجهة المنتجة بالتأكيد، ونحن علينا العمل فقط. المخرج محمد زهير رجب برع في الجزء الأول، والمخرج إياد نحاس أعرف الكثير عن كاميرته، وبالتالي أنا أهتم لسير العمل ونجاحه وليس إلى قضايا إنتاجية.

قيل إنك اعتذرت عن مسلسل في المغرب.. هل هذا صحيح؟

نعم اعتذرت عن بطولة مسلسل عربي في المغرب لأسباب خاصة وشخصية محضة ولا تتعلق بأي شيء يمكن الحديث به، لكن الأفكار التي سيتناولها العمل رأيت أنها لا تصلح للتداول اليوم في ظل الظروف العصيبة التي يمر بها العالم العربي، وفضلت الابتعاد وتقديم الشكر لمن وجهوا الدعوة لي للعمل معهم.

والعودة إلى راس غليص بعد سنوات.. كيف تراها؟

في الحقيقة كان مسلسل راس غليص أول مسلسل ينال إعجاب واهتمام المجتمعين البدوي والمدني على حد سواء، واستأثر بالجمهور لدى عرضه في المرة الأولى وفي مرات الإعادة لاحقاً. هو إنتاج ضخم ومهم وقصته مثيرة، لكن فصولها لم تنته فكان لا بد من جزء ثان الآن.

وأعتقد بأن الجمهور العربي عموماً، والجمهور الخليجي خصوصاً سيجد في الجزء الثاني ما ينتظره، وأرى فكرة إنتاج ما يريده الجمهور هي فكرة ناجحة أكثر من إنتاج أعمال جديدة لا نعرف مآلها جماهيرياً.

على الرغم من عودتك القوية للدراما السورية، ألا ترى انك مقلّ هذا الموسم في الظهور فيها؟

لا لست مقلا، وطوق البنات أشتغله الآن على جزأين وليس واحدا، والعروض الأخرى التي وصلت إلي لم تلبِّ مطلبي في الدراما والفن عموماً، إضافة إلى أن الارتباط مع أعمال خارج سورية شيء أحترمه، ففي النهاية أنا ممثل عربي وخضت تجارب عربية كثيرة، وجمهوري له حق علي في كل البلدان العربية، لكن كل هذا بعد أن أظهر على الجمهور السوري بما يرضاه هو وبما أريده أنا.

لوحظ شيء غريب ومثير في رشيد عساف أنه كان خارج سورية غالب أوقاته قبل الأزمة، وفي الأزمة بات في سورية على الدوام.. ما الأمر؟

هذا صحيح، وكثيرا ما كانوا يقولون لي في السابق لماذا تكثر من ترحالك وإقامتك خارج سورية. أما وقد دخلت بلادي في الأزمة، فكان صعباً علي أن أتواجد بعيداً، فعدت إليها وأقمت في دمشق طيلة الوقت، وعملت في الدراما السورية طيلة السنوات الأربع، واعتذرت عن مشاريع عربية كانت تأتيني بالتزامن مع مشاريع محلية وكنت أفضل المحلي، وكل هذا عرفانا لبلدي بجمائله علي، فلا يمكن أن أكون بعيداً عنه في ظرفه القاسي هذا.

إذاً كيف تصف زملاء لك غادروا سورية وعاشوا بعيدا عنها؟

لكل شخص منهم ظرفه، ولا أسمح لنفسي بتقييم حالة الآخرين، أما بالنسبة لي فأتحدث عن نفسي وهذا من حقي.

ممن غادروا سورية ومنعوا سياسياً من العمل بقرار من نقابة الفنانين.. هل تتوقع أن تقف وإياهم أمام كاميرا واحدة في دمشق مستقبلاً؟

دعنا لا نفلسف الأمر. البلد يحتاج للجميع، ومن الضروري جداً أن نقف معاً أمام كاميرا واحدة وفي شارع واحد ومقهى واحد ومطعم واحد وملعب واحد، شئنا أم أبينا، وبشروط وطنية تناسب الوطن والمصلحة العامة. سنلتقي نعم، وسيكون لكل منا رأيه، والدراما تحتاج لكل الآراء ولا تتوقف عند رشيد أو غير رشيد.

هناك فنانون اتخذوا موقفاً سياسياً، وهناك من استغل في السياسة.. كيف يقرأ رشيد عساف الجانبين؟

أولاً الأكل والشرب سياسة، وكل ما نقوم به في يومياتنا هو سياسة، لكن في النهاية نعبّر عن رأي ما في هذه السياسة.

أما أن اشتغل في السياسة فهذا يوجب علي كرشيد عساف أن أتوقف عن التمثيل، فالتمثيل والسياسة معاً لا يجتمعان.

ما الموقف الشخصي لك والذي اشتغلت عليه منذ بدء الأزمة في سورية؟

الموقف واضح وهو أن يتركونا نشتغل ونعمل ونعبر عما يجول في فكرنا وخاطرنا من أسئلة وإجابات كلها متعلقة بالوطن ومصلحة الوطن.

قد يطالبك جمهورك يوماً بالعمل في السياسة.. ماذا ستقول لهم؟

سأقول ما أقوله دائماً، بأنني حتى أعمل في السياسة يجب أن أحصل على تكليف وهذا التكليف يأتي من شريحة مهمة من الشعب لأتحدث باسمهم، وطالما التكليف غير موجود فلن أعمل سياسة مطلقاً.

ولو حصلت على التكليف، ما مصير الفن وقتها؟

سأترك الفن فوراً، لان السياسة والفن لا يجتمعان كممارسة.

هل تعرضت لمضايقات بسبب موقفك هذا؟

من الحكومة لم أتعرض لأي شيء، ومن المعارضين السياسيين كذلك لم أتعرض لشيء، لكني تعرضت لمعاكسات من قبل مجهولين معارضين عبر الهاتف ومواقع التواصل وأعتقد أنهم لا يملكون رأيا ولا يستطيعون التعبير عن موقف.

تقصد بعد خطاب القسم الذي كنت حاضرا فيه.. أليس كذلك؟

قبل خطاب القسم وبعده.

ممن وجّهت لك الدعوة لحضور الخطاب.. هل من القصر أم من جهة حكومية؟

طبعا جهة الحكومة هي من توجه هذه الدعوات، وكانت دعوة عزيزة وكنت سعيدا جدا في حضوري لذاك المفصل التاريخي في حياة بلدي.

كيف يقرأ رشيد عساف المشهد السياسي العربي اليوم؟

في سورية والعالم العربي، ما يجري هو سفر برلك جديد، وسايكس بيكو جديدة، وما جرى قبل 100 سنة يعاد إنتاجه الآن بأدوات جديدة وشخوص جدد، ولا أصدق كل نظريات التحرر التي يطرحها الغرب، وحلمي بأن أرى بنو جلدتي، العرب، وقد استفاقوا من غفوتهم وانبطاحهم للإملاءات الخارجية، لأن عدم النهوض هو كارثة أقسى من سايكس بيكو بكثير.