هو ذلك المهرجان، مهرجان الفن والموسيقى والإبداع ، هو ذلك المهرجان الذي اصبحنا ننتظره كل عام متشوقين لما يقدمه من جديد ، إنه مهرجان البستان ، وهو بلا شك واحد من اهم المهرجانات التي يرتادها المثقفون والنخبة بسبب اختياره لاهم الفرق الموسيقية العازفة والراقصة وحتى الاوبرالية العالمية والمحلية .

مساء أمس، وعلى الرغم من العاصفة الثلجية التي تضرب لبنان، ومع ان الثلوج لامست سفوح منحدرات بيت مري لتكسو طرقها وأشجارها وعلى الرغم من تدني درجة الحرارة التي قاربت الواحد تحت الصفر، الا ان شوق الآذان لسماع عزف اوركسترا Super Stars and Super Music صهر كل الثلوج وأدفأ كل القلوب ولم يمنع الوافدين من محاولة الوصول على الرغم من خطورة الطريق وحالات الانزلاق.

إلى قاعة اميل بستاني في فندق البستان دخلنا ، عقب تأخير دام ثلث ساعة بعد ان علق عدد كبير من الوافدين بالثلج على طريق الفندق، وبدأ الحفل.

بداية دخلت الفرقة الموسيقة المؤلفة من حوالى خمسة وثلاثين عازفا ، بين آلات النفخ والوتريات والطبول والبيانو ، وسط تصفيق كبير من الجمهور، وبدأوا عزفهم إحدى اشهر مقطوعات الاسطورة الموسيقية Ludwig Van Beethoven بعنوان Allegro والتي شارك في عزفها على البيانو العازف الشهير Oliver Poole وعلى التشيلو Lizi Ramishvili وعلى الكمان العازفة Anna Tifu ، وعلى انغام آلاتهم والاوركسترا المرافقة شعرنا بالدفئ، ليعزفوا بعدها مقطوعتين لـ Beethoven هما Largo و Rondo Alla Polacca ، ثم توجهنا بعدها الى استراحة قصيرة.

عدنا بعد دقائق بشغف إلى القاعة منتظرين دخول الاوركسترا مرة جديدة لنتلقى منها جرعات الفن الكلاسيكي الذي اصبح نادر الوجود في عالمنا العربي، ليدخل عازف الساكسوفون Nikita Zimin ويعزف مقطوعة Rondo Capricioso للموسيقي الشهير Camille Saint-Saens والتي ألفها خلال عامي 1835 و 1921، لنعود ونستمع الى مقطوعة أخرى بعنوان Gypsy Airs للراحل Pablo Sarasate.

أما الأوركسترا اللبنانية الفيلهارمونية فشاركت أيضاً في عزف عدد من المقطوعات الشهيرة لـ Georges Bizet و Pablo Sarasate ، وعزفت Carmen Fantasy، Allegro Moderato ، Moderato ، Lento assai.

قرابة الساعتين من العزف المتواصل الذي كان بمثابة غذاء لأرواحنا وصقلا لعقولنا ومتعة لآذننا، ساعتان من الموسيقى التي تحملنا الى عوالم أخرى وازمنة هؤلاء المؤلفين العمالقة الذين فهموا الموسيقى وقدروها وتركوا لنا إرثاً وكنزاً موسيقيا فتح الابواب ﻵفاق موسيقة وعوالم جديدة، فشكرا لمهرجان البستان على هذه الفرص الدائمة لاعادة ضبط الروح الفنية والثقافية في عقولنا.