اعتاد الجمهور في العالم العربي على رؤيته رئيساً للمخفر في كثير من أعماله الدرامية، فاختار لنفسه طريقة جعلت من أدواره متجددة عملاً بعد عمل لينقذ نفسه من مسألة النمطية، يشارك حتى الآن في عمل واحد للموسم الرمضاني، فيتواجد مع الفنان فادي غازي في مسلسل "أبو دزينة"، تاركاً الباب مفتوحاً أمام مشاركات أخرى.

في الآتي، حوار مع الفنان القدير جرجس جبارة، يتناول مسألة تكراره لشخصية رئيس المخفر، ورأيه في بعض جوانب الدراما السورية:

ما أبرز مشاركاتك في الفترة الحالية؟

أشارك حتى الآن في عمل واحد سيعرض خلال شهر رمضان الكريم المقبل، ويدخل العمل ضمن مجموعة أعمال الفنان فادي غازي، وهو من تأليفه وإخراجه، ويعتبر عملاً كوميدياً اجتماعياً حاله حال معظم أعمال فادي غازي.

كيف قيّمت العمل وأنت المشارك فيه؟

في الحقيقة، أعمال فادي غازي جميعها أعمال بسيطة جداً، تعتمد على الكوميديا المقدمة للمتابع بطريقة بسيطة جداً وسهلة الفهم، حيث تشقّ الأفكار طريقها إلى قلب المتابع بسرعة وسهولة، ومسلسل "أبو دزينة" يعتمد نفس الأسلوب ويسير على نفس النهج، فهو عمل اجتماعي كوميدي يروي قصة عائلة تضم 12 بنتاً، وتدور أحداث طريفة ممتعة ومشوقة.

لماذا اقتصرت على عمل واحد حتى الآن، على الرغم من كثرة الأعمال حالياً؟

أنا أختار النصوص بدقة وعناية شديدة، قدمت لي بعض العروض التي لم تعجبني، والآن استقريت فقط على أبو دزينة، سأشارك أيضا في أعمال أخرى، وطبيعة العروض هي التي ستحدد عدد الأعمال، ليس المهم عدد الأعمال وكثرتها، بل المهم بالنسبة لي أن تبقى أعمالي ومشاركاتي مميزة وتتمتع بالأهمية.

ما العناصر الأساسية التي تشترط توافرها في العمل قبل المشاركة فيه؟

من العناصر الهامة عنصر التجديد، فأنا أفضّل أن تكون الأعمال دائماً متصفة بتقديم الأفكار الجديدة، فالتكرار أعتبره عيباً من أبرز العيوب التي تهدد نجاح أي عمل مهما كان ضخماً، ومهما ضمّ من نجوم، إضافة إلى أهمية الأفكار وقربها من المتابع، فالأعمال كلها مقدمة للجمهور، ومن المهم جداً أن يشعر المتابع بأن المسلسل يحمل أفكاراً قريبة منه ومنتزعة من واقعه، وبالنسبة للكوميديا، يجب أن يكون العمل برأيي خفيفاً قريباً من المتابع أيضاً، وطريقته في العرض يجب أن تتمتع بالبساطة والسهولة، وعباراته وجمله يجب أن تكون واضحة وسهلة الفهم.

بالعودة قليلاً إلى مسلسل "ضعية ضايعة" الذي نال الكثير من الإعجاب لدى الشارع، بماذا تميز ذاك العمل عن باقي الأعمال الكوميدية برأيك؟

مسلسل "ضيعة ضايعة" شكّل حالة تفرّد بها عن باقي الأعمال الكوميدية، فهو العمل البسيط الذي يروي أحداثاً طريفة جداً، ويحمل عنصر التشويق في كل لحظة، إلى درجة أصبح فيها المتابع لا يصدّق أن تنتهي شارة البداية حتى يتابع الحوارات الظريفة الممتعة والأحداث الشيقة، كما أن العمل صُوّر في بيئة جميلة جداً ألقت مناظرها الطبيعة بظلالها على المتابع، إضافة إلى براعة الممثلين في تقديم الشخصيات الكوميدية، والظهور بشكل مضحك جداً.

"ضيعة ضايعة" مسلسل صعب أن يتكرر، فهو الذي حمل البساطة والمتعة والتشويق والأفكار الاجتماعية والمعيشية، وغيرها الكثير من العناصر التي يصعب جمعها في عمل واحد.

لماذا توقف العمل عند الجزء الثاني برأيك؟

لا أعلم لماذا توقف العمل عن الاستمرار، ولست المعني بهذا الأمر، قد يكون من الأفضل الوقوف عند هذا الكم من الحلقات خشية الوقوع في مطب التكرار الذي تقع فيه الكثير من الأعمال، لكن برأيي، طالما أن الاستمرار هو مطلب جماهيري، فالنجاح لن يفارقه على الإطلاق.

يسألنا الناس كثيراً في الشارع عن ضيعة ضايعة، وعن سبب التوقف، ويطالبوننا بالاستمرار في إنتاج أجزاء أخرى، وهذا دليل على الشعبية الكبيرة التي تمتع بها العمل، ليس فقط في سوريا، بل في العالم العربي بشكل عام.

شخصياً، ما هي أبرز محطاتك في ضيعة ضايعة؟

في حقيقة الأمر، كانت السعادة مرافقة لنا في كل مراحل تصوير العمل، وحتى الآن، كلما شاهدت لقطات العمل أو تذكرت فترات التصوير شعرت بالسعادة والفخر، لكن وللأسف الشديد، تبقى الذكرى المؤلمة المتمثلة برحيل الزميل العزيز نضال سيجري مهيمنة في الأذهان، وهي النقطة السوداء الوحيدة في ذكريات العمل.

لطالما كنت رئيس المخفر في أعمالك الدرامية، ألم تخش الوقوع في التكرار والنمطية؟

لا، على الإطلاق، فالتكرار والنمطية يحدثان عندما تتصف الشخصية بالجمود، وعندما تكون الشخصية واحدة في العديد من الأعمال، لكن، حرصت دائماً على إضافة الجديد إلى كل شخصية، فرئيس المخفر في ضيعة ضايعة يختلف كثيراً عن رئيس المخفر في سلسلة أجزاء عيلة خمس نجوم، ونفس الأمر بالنسبة للأعمال الأخرى.

كيف ترى أجواء الوسط الفني السوري، وتحديداً العلاقات بين أبنائه؟

نسمع كثيراً عن وجود توترات بين الفنانين في أي وسط فني في العالم، فالوسط الفني كالأسرة التي تضم أولاداً وآباءً، ومن الطبيعي أن نسمع عن أمور كهذه، لكن، بالنسبة لي، أتعامل دائماً مع الفنانين بشكل مدروس، والجميع يحبونني كما أحبهم، لم أشتك على الإطلاق من أي فنان خلال مسيرتي، والجميع زملائي وأحبتي.

كيف تقيّم تأثير الأزمة على الدراما السورية؟

الأزمة التي تعيشها سوريا في الفترة الحالية تعتبر من أقسى الأزمات العالمية، فلم يسبق لأية دولة أن عاشت أحداثاً كالأحداث التي تدور في سوريا خلال السنوات الأربع الماضية وحتى الآن، كما انعكست الأزمة على جميع مفاصل الحياة في المجتمع، والدراما تأثرت كثيراً وعلى كافة الأصعدة، إن ماديّاً أو معنوياً أو فكرياً أو بشرياً، سافر الكثير من النجوم إلى الخارج، وارتفعت تكاليف المعيشة، إضافة إلى صعوبة التنقل والتصوير في الأراضي السورية، فقلّت الخيارات وكثرت المتاعب.

نعم، تأثرت الدراما بالأزمة كثيراً، لكن الدراما السورية أثبتت أنها قادرة على الاستمرار مهما بلغت صعوبة الظروف.

وما رأيك بمستوى الأعمال التي تناولت الأزمة؟

أنتجت العديد من الأعمال التي صورت المجتمع أثناء الأزمة، وكلها كانت جريئة إلى حد ما، لكنها قصرت بعض الشيء في تصوير الإرهاب ودعم الدول له، فالإرهاب جاء إلى سوريا عن طريق دول عربية وأجنبية بغية إضعاف الدولة السورية والنيل من جيشها الباسل، لأنها الدولة التي دعمت وما تزال تدعم المقاومة في وجه إسرائيل.

هل عانيت شخصياً جراء الأزمة؟

بالطبع، فجرح الوطن يجرحني، والشهداء أكبر جرح في قلوبنا، وعلى المستوى الشخصي، تعرضت للتهديد في كثير من المناسبات، لكني قلت وأعود لأقول إن روحي رخيصة في سبيل سوريا وجيشها.