إنها السيدة فيروز أكبر حبة من حبات عنقود العمالقة اللبنانيين والعرب، هي الصامتة عن كل الاخبار، وكأنها ولدت فقط لتغني ولا شيء آخر، صوتها يُسمع فقط في أغنياتها ومن ثم تصمت صمت أبو الهول.


فيروز واحدة من أشهر مطربات جيلها ان لم نقل انها اشهرهن ، تقف على المسرح تغني وتغني وتغني ونحن نهيم بهذا الصوت الملائكي، بين الوطنيات والحب والغرام والحنين تنقل الصوت وتنقل معه فؤادنا، غنت للام للوطن للطفل وللقضايا الوطنية الكبرى، غنت للصبح والمساء، فيروز تتنقل باغنياتها بكل خفة ورشاقة وصوتها ينساب فيدخل إلى القلب قبل الاذن، ويفتح فيه جروحاً أحياناً، وأحياناً اخرى شبابيك الحب والامل.

فيروز التي يحلو الاستماع الى صوتها ، ونتشوق للإنصات الى احاديثها النادرة جداً لا تطل الا نادراً لتقول كلاما مقتضباً وتمشي.
فيروز حارسة هيكل الاصالة صمدت وظلت صامدة في صومعتها تقدم الفن الذي يشبهها والذي نشأت وتربت عليه في بيت الاخوين الرحباني، فهي تلك الفتاة الصغيرة نهاد حداد التي اكتشفها محمد فليفل واثقل موهبتها مع حليم الرومي وعشقها عاصي الرحباني وتزوجها.
في الآونة الاخيرة علت أصوات كثيرة تؤكد وجود شرخ كبير في العائلة الكبيرة، واهمها صوت ابنها زياد ليعلن حال الانفصال الكبير بينه وبين والدته وليتهم شقيقته ريما بزيادة الشرخ بين ابناء العائلة الواحدة، بين ريما وزياد من جهة، ومن جهة اخرى بين ريما و ابناء عمه .

وأوضح زياد أنه كاد ينهي الخلاف مع عمه منصور الرحباني بعد جلسات عديدة معه الا ان وفاته حالت دون ذلك، واكد انه على تواصل مع أولاد عمه مؤكداً أن هناك جهات سياسية تدخلت لحل المشاكل بينهم ذاكراً ان رئيس الجمهورية دعاهم وسأله عن الموضوع، واعتبر زياد انه يجب أن يأتي أحد من خارج العائلة ليقيّم الوضع والارشيف في العائلة .

زياد الرحباني الذي اكد أن كل الوساطات بينه وبين والدته السيدة فيروز فشلت، متهماً شقيقته بالمزاجية التي لن تستطيع ايصال فيروز الى اي مكان بعكسه هو على حد قوله ، ينتظر ان تعايده فيروز، ونحن ننتظر ان يعاود الكرة ويتصل بها على طريقة الند للند فهي في النهاية والدته ،وهي في النهاية فيروز .

زياد تابع يقول :"لازم هيي تعيدني وتراضيني. جابتني عالدني وتحملت من مشكلاتها مع والدي الكثير، حتى انسحبت علي وفشلت في زواجي بعد أقل من عام".

في النهاية انها والدتك يا زياد ولا يعيبك ان كررت تجربة الاتصال بها، وطرق باب بيتها ،عندها بالطبع ستزال كل الحواجز فلا تستطيع الام ان تصد بابها في وجه ابنها، عندها اظن ان القلوب ستصفى والامور ستصبح واضحة والغيمة ستزول.

بعد كلام زياد إنتشرت معلومات تؤكد ان الصلح بين فيروز وابنها قد تم بواسطة شقيقتها هدى، فخالة زياد وبحسب هذه المعلومات نجحت في كسر جدار الجليد الذي وصلت شراراته الى الاعلام بين الطرفين وانهما التقيا بعد طول فراق وتحادثا وصفّيا القلوب، الا ان مقابل هذه المعلومات هناك من يؤكد ان الخصام ما زال قائما بين الطرفين وان لا صحة للقاء او حتى لتقارب في وجهات النظر.
من جهتنا كصحافة نناشد كل المعنيين بالتدخل لحل هذا الخلاف اذا كان ما يزال قائماً وبتدخل كبار المسؤولين لفض القطيعة ولتقريب المسافات، علّنا نستمتع بابداعات زياد الحاضرة لصوت والدته ومن بين هذه الاعمال مسرحية وبعض الاغنيات.

ويستحضرني هنا خبر تدخل الرئيس المصري أنور السادات الذي فض خلافاً كان قد وقع بين أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وإستمر لخمس سنوات وذلك في أعقاب إحدى الحفلات المقامة تخليداً لذكرى ثورة يوليو 1964 والتي اقيمت بحضور الرئيس عبد الناصر، عندما قال عبد الحليم جملته الشهيرة "إن أم كلثوم وعبدالوهاب أصرّا أن أغني في هذا الموعد، وماعرفش إذا كان ده شرف لي ولا مقلب"، وكانت أم كلثوم قد صعدت الى المسرح قبل عبد الحليم واطالت وصلتها اكثر من الوقت المحدد لها، وقد صالحهما السادات في خطوبة ابنته في العام 1970.
اذا كنا ننتظر الدخان الابيض ليتصاعد في العائلة الرحبانية، وبانتظار المغوار الذي سيقدم على لم الشمل وحلحلة جميع الامور، عندها بالطبع ستكون النتيجة أعمالاً رحبانية فيروزية زيادية رائعة نحن بشوق كبير إليها.