ولد الشاعر الياس أبو شبكة عام 1903 الولايات المتحدة الأميركية ، وعاد إلى لبنان وهو لم يتجاوز السنة.

درس في مدرسة عينطورة، وعندما وقعت الحرب العالمية الأولى توقف عن الدراسة ، وبعد إنتهائها إستأنفها في مدرسة الإخوة المريميين في جونية، فقضى فيها سنة دراسية واحدة، ثم عاد إلى مدرسة عينطورة. كان غريب الأطوار يتعلم على ذوقه، ويتمرد على أساتذته.

كان والده ثرياً فاغتاله اللصوص عام 1914 في مصر ما أثر فيه ونمّا قريحته الشعرية. وفقدانه الثروة جعله يكدح للمعيش فعمل في التدريس وكتابة المقالات والترجمة.

وأخذت شاعرية الياس سبيلها إلى النضج الفني في مطلع العقد الرابع من القرن الفائت، بعدما أصدر ديوانه الشهير (أفاعي الفردوس) عام 1938، الذي أحدث ضجة في الأوساط الثقافية العربية، إذ رسم بمهارة فنية عالية لوحات نابضة بالحياة لحالته النفسية الثائرة في "أفاعي الفردوس" التي شدتها صلة تناظرية بديوان "أزهار الشر" لبودلير ، من حيث واقعية وقتامة التصوير الحسي، وغرائبية الصور المشكلة بتراكيب لغوية مبتكرة، كما وشدت "أفاعي الفردوس" صلات بـ"ليالي" موسيه من حيث التمرد والانفعال والتوتر والقلق العاصف 2 .‏
أعماله .

رحل أبو شبكة عام 1947 تاركاً حوالى 40 مؤلفاً .

العُمرُ قَصرٌ نَحنُ بَينَ رِحابِهِ

العُمرُ قَصرٌ نَحنُ بَينَ رِحابِهِ

وَالمَوتُ مُنتَصِبٌ عَلى أَبوابِهِ


وَالمَرءُ إِن يَفخَر بِأَنسابٍ لَهُ

فَالتُرقُ وَالديدانُ من أَنسابِهِ


ما الجِسمُ في هذا الوُجودِ سِوى بَلىً

تَمشي العُصورُ عَلى أَديمِ تُرابِهِ
مِن عَهدِ آدَمَ وَالضَريحُ مهيّأ

وَجَميعُ هذا الخَلقِ رَهنُ طِلابِهِ

كُلٌّ يُغَيبهُ الزَمانُ إِلى الهبا

وَكَذا الزَمانُ يَحينُ يَومُ غِيابِهِ
وَالكائِناتُ لَدى الرَدى أُلعوبَةٌ

حَتّى الخُلودُ يَصيرُ من أَلعابِهِ
ما مُذهبُ الدَهرِيُّ ذا لكنَّما

هو مذهب العَقلِ الحَكيمِ النابِهِ
كَم مِن عُصورٍ قَبلَ آدم أَدبَرَت

وَمَضى بِها النِسيانُ عِندَ إِيابِهِ
وَعَقيدَةُ الإِنسانِ راسِخَةٌ بِهِ

حَتّى يُحجّبَه الرَدى بِحِجابِهِ

لَو كانَ يَقرَأُ في الأَثيرِ كِتابَه

لَرَأى الحَقيقَةَ في سُطورِ كِتابِهِ
كَم من دِياناتٍ تَمَشَّت في الوَرى

ذَهبَ الزَمانُ بِها قُبَيلَ ذَهابِهِ
وَلَسَوفَ أَديانٌ تَخَرَّب دينَنا

وَتَقومُ لِلأَيّامِ فَوقَ خَرابِهِ
ما هذِه الدُنيا سِوى بَحر طَمى

صدفُ الحَياةِ تَعوم فَوقَ عبابِهِ
هذا يحفُّ بِهِ الغِنى في راحَةٍ

وَيَعُمُّ ذا فَقرٌ جزا أَتعابِهِ
إِن كانَ جَبّارُ الطَبيعَةِ عادِلاً

أَينَ المُساواةُ الَّتي بِحِسابِهِ
أَتَراهُ قَد خَلَقَ العَوالِمَ وَاِكتَفى

بِصَنيعِهِ فَاِرتاحَ فَوقَ وِثابِهِ .