إذا أردنا اختيار مسلسلاً نتابعه في رمضان سنجد عددا هائلا منها، بين قصص الحب والخيانة والفقر والغنى والطمع وغيرها تنوعت الأعمال الدرامية هذا العام، ولسنا هنا بصدد تقييمها والقاء الأحكام عليها إنما إلقاء الضوء على عمل كان "من أنجحها" وأكثرها جدلاً وشهرة.


مسلسل "إتهام" هو النقطة المحورية وهو العمل الذي يحظى بنسبة مشاهدة عالية جداً في لبنان وفي الوطن العربي إلى أن أصبح حديث الناس، ونجاحه لم يأتِ عن عبث بل أنه جمع محترفين ومبدعين لتتكوّن هذه النتيجة الرائعة.


إذا تحدثنا أولا عن الإنتاج فالنجاح ليس بجديد على منتج قدم أنجح الأعمال الدرامية العربية "مفيد الرفاعي" الذي آمن بفريق عمل "اتهام" وأيقن أن النجاح سيكون حليفهم وهكذا كان.. فالانتاج ضخم والواضح أن الرفاعي "لم يبخل" بأي شيء ليُنجح هذا المسلسل الرمضاني المتكامل بكل المقاييس.

أما القصة فهي من أهم نقاط قوة "اتهام" من مبدعة لبنانية هي كلوديا مرشليان التي تناولت في مسلسل واحد قصصا عديدة أولها قصة فتاة الضيعة الجميلة، البريئة والذكية التي وقعت ضحية عصابة كبيرة وستعيش للانتقام مِن كل مَن ظلمها وصدّق اتهامها، إلى قصص كثيرة تعالجها كالتفكك الأسري وانعكاساته (بين تقلا شمعون وأحمد خليل) ووقوع الفتاة بغرام رجل متزوج يكبرها بعشرات السنوات، وغيرها الكثير من القضايا الاجتماعية. والأهم هو المنطق والاقتراب الى الواقع حيث بررت كل حدث ولم نشعر بتسارع أحداث قد تشتت المشاهد.
وبالانتقال الى المخرج فيليب أسمر، والذي ايضاً كان النجاح حليفه وصديقه في الفترة الأخيرة، فنؤكد ايضا انه قد أبدع في اختيار المشاهد واللقطات والكادرات وطريقة تقديم الممثلين بشكل محترف و الانتقال من مشهد لآخر بطرق مميزة وتسلسل منطقي للأحداث.
أما ميريام فارس فكانت المفاجأة الرمضانية الكبرى وكان لها حصة الأسد في هذا المسلسل حيث اثبتت أنها ممثلة حقيقية رائعة، وبعد أن اثبتت نجاحها بعالم الفن والاستعراض والفوازير ها هي تثبت اليوم أنها ممثلة من الطراز الرفيع، ولعل النقطة الأقوى لها تكمن بخلعها ثوب الديفا والفنانة الاستعراضية الفاتنة وعودتها فتاة لبنانية قروية بكل التفاصيل محافظة على لهجتها الأم رغم وجودها بمصر. ميريام بكت وابكت كثيرين، صدّقنا دموعها وضحكاتها ومثاليتها كما لم ترفض الظهور بدون ماكياج وسافرت بعيدا بدورها حتى أنها "تجرجرت على الأرض".
والإطراء لميريام لا يقلل من أهمية الممثلين المحترفين كافة في المسلسل من حسن الرداد الذي كان الشخص المناسب بالمكان المناسب وعزت أبو عوف وأحمد خليل الكبار في عالم الدراما المصرية ونهلا داوود الرائعة التي اتقنت دورها وزادت من التشويق، أما المبدعة تقلا شمعون والتي باتت خارج التقييم في عالم الدراما اللبنانية والعربية فظهرت الأم المثالية والزوجة الراقية وسيدة بكل معنى الكلمة كما هي فعلا بالواقع وهي الممثلة التي يفتخر بنجوميتها كل لبناني والورقة الرابحة للمسلسلات.
إذاً اجتمع أولئك المبدعون وكسب "اتهام" الرهان، حلّق عالياً في سماء الدراما العربية الحديثة ونال نسب مشاهدة عالية تثبتها احصاءات متعددة وربما لا نحتاج لانتهاء الشهر لمعرفة أنّ ميريام فارس و"اتهام" كانا حديث الشارع العربي في رمضان.
يذكر أن هذا العمل من انتاج شركة MR7 الرائدة في الانتاج والتي أسهمت بتطور الدراما العربية والفن العربي ككل.