ممثلة لبنانية قديرة ، عاصرت الكبار في مجال التمثيل وتركت بصمتها الخاصة في كل عمل شاركت فيه حيث زرعت الفرح والأمل في نفس من شاهدها وأحبها على مدى أكثر من نصف قرن من العطاء .



إنها أماليا أبي صالح أو "بدور" التي أطلقت صرختها منذ فترة عبر "النشرة" فوصلت كلمتها إلى آذان صاغية وكَثُرت الأيادي البيضاء التي هبّت لمساعدة أماليا التي لا زالت تتلقى العلاج .

"النشرة" زارت أماليا في منزلها حيث أخذتنا بذكرياتها في رحلة قيّمة وشيّقة تنوّعت بين الحلو والمر .



كيف إنطلقت أماليا أبي صالح في التمثيل ؟
كنت بإيطاليا أدرس حين كان عمري 16 أو 17 عاماً ، عملت في المسرح مع الأميركيين بإيطاليا وبكل أوروبا "طلعت من المدرسة وبيي جَنّ وخُوِت عليي"، ففي القواعد الأميركية كانوا يرفّهون عن الجيش الأميركي "عامليلنا بروشور وبينقوا بيطلع دايماً أنا والـ partenere تبعي لأنو نمرتنا كوميدية بشكل ، مرّة الروك أند رول عيّدونا ياها أربع مرات ورا بعضها".

وكيف أتيتِ إلى لبنان ؟
كنت أريد أن أوصل رسالة للمخرج غاري غرابتيان من قريب له ، فسألني غاري " شو اللي أخدك ع إيطاليا؟" فقلت له إني ممثلة هناك ، فقال "اليوم عنا حلقة مع أبو سليم عمِلي حالِك طليانية وما تحكي ولا كلمة عربي" ، وكان دوري مباشراً على الهواء أغني وأرقص روك أند رول بمفردي ، و"جَنَّنتلك الصُحُف بلبنان بعد أسبوع الجرايد والمجلات ما خلّوا شي ما كتبوه عني إنو ممثلة إيطالية مع ابو سليم بترقص وبتغنّي" ، بعدها كان المخرج نزار ميقاتي يبحث عن ممثلة "ناصحة تحمل شوشو ما كانوا يلاقوا" ، فقال لهم الممثل إبراهيم مرعشلي "في وحدة شِفتها مع أبو سليم بترقص رَقص وبتغني بس ما بتحكي عربي بتحكي طلياني"، فإتصل ميقاتي بغاري وقال له "بس تجي الممثلة الإيطالية مع أبو سليم إتصل فينا" وهكذا كان، وإشتغلت مع نزار "شوشو بك عريس" وكنت العروس في هذه المسرحية ، وبعدها إنتهت فترة إجازتي في لبنان فقلت لهم "ما بقى فيي بدّي إرجع ، ورِحت وجِيت وجِيت ورِحت".






من لقّبَكِ بـ"بدور" ؟
أبو سليم ، في البداية لم أحب اللقب ولكن أبو سليم قال لي "حلو لأنو وجّك متل البدر بدّي سَمّيكِ بدور".


ماذا عن أيام العز التي عشتموها كأبطال في مسرح شوشو ؟
كل النواب والوزراء ورؤساء الجمهورية كانوا يأتون ليشاهدونا ، كانوا يحبونا كثيراً ، وأنا كنت مميزة كثيراً عند إثنين هما الأمير مجيد إرسلان الذي كان يقول لي "تقبريني إنتِ بتشبهيني" ، والشيخ بيار الجميّل . الوزراء والنواب كانوا مؤدبين حيث كانوا ينتظرونا في الصالة كي ننتهي ونلبس ليسلموا علينا ، وأنا كنت أتأخر لأن غرفتي كانت "ع راس آخر الدرج لفوق ، آخر وحدة أخلص" ، فكان يسأل عني الشيخ بيار قائلاً "وينا المهضومة وينا؟ ويبَوّسني"، وكذلك الرئيس كميل شمعون وجميعهم ، عشنا جواً رائعاً ، ففي مسرح شوشو تعرّفنا على شخصيات "كنا نفك المحكوم إعدام عن الحبلة قد ما كانوا يحبونا".



يعني كانت كلمتكم مسموعة لديهم
"إي أكيد" ، كانوا يحبون مسرح شوشو والممثلين ، وطبعاً "كان في ناس مميزين عن ناس ، اللي كانوا يضحكوهم يحبّوهم أكتر شي ، كنت أنا وشوشو الثنائي".


هل قصدتِ يوماً إحدى هذه الشخصيات بطلب خدمة خاصة ؟
طبعاً ، عندما كانت الحرب في بدايتها وبما أن زوجي من طائفة أخرى أصبح البعض يقفون تحت منزلي ويهتفون "كل واحدة متزوجة من غير طايفتها حَلال ذَبحها" ، فخفت كثيراً وذهبت إلى الشيخ بيار في الصيفي فإتصل برئيس المنطقة وقال له "بتكتُب ورقة وبتحطها على باب أماليا يِسترجي حدا يقرّب عليها ، وبتحطّلها دوشكا ع باب بيتا بتحرسوها"، وهكذا كان "حطّولي دوشكا ع باب بيتي".






ماذا تذكرين لنا من مواقف طريفة حصلت معك في مسرح شوشو ؟
خلال عرض مسرحية "آخ يا بلدنا" هناك مشهد أرقص فيه مع شوشو تانغو أرجنتيني و"كنت لابسة سكربينة واسعة شوي ، وأنا وعم بعمل إجري هيك عم مدّها متل ما بيمدوها، طارت سكربينتي إِجِت بحضن العميد ريمون إدة ، وَقّفنا الرقص أنا وشوشو وحَطّينا راسنا بالأرض" ، فما كان من إدة إلا أن قال لي "تفضلي" ، فضحك الجمهور و"خود ع زقيف لريمون إدة إنو كيف جَبلي السكربينة ، لو هلأ معمولة هاي بتصير؟".


دواء تنشيط الذاكرة كان له معك أيضاً قصة
كنت أمثل في مسلسل في New Tv بالفُصحى و"أنا بعمري ما شاغلة فصحى كل ورقة هيك دخيلكن شو بعمل؟" ، قالوا لي تناولي دواء تنشيط الذاكرة "رِحت جبت حنجور وبلّشت إبلَع وإبلَع وإبلَع ، قمت بدي أعمل زهورات وجيسيكا كانت بالدكّان عم تجيب شي ، إِجِت لاقتني حاطة الماغ عالغاز والركوة بالصينية ، شو مَنظري كان ، كل ما خلّص مشهد يزقفولي".






بمن أغرمت من الممثلين ؟
لا أحد ، بزوجي "مش حب غرام يا لطيف" كان منفذ الديكور بمسرح شوشو ، عمل باخرة على البحر في "الدني دولاب" والناس صدّقوا أنها باخرة حقيقية ، وعمل مع صباح في مسرحية "ست الكل" و"خلّا الدني عم بتشتي عالمسرح".


أغرمت به في المسرح ؟
بالعقل ، قال لي شوشو "أماليا إسمعي منّي تزوجي محمد دمج أولادك بيشوفوا حالن فيه لا بيِسكَر لا بيِخمَر لا بيلعب قمار ، إنسان تقي" ، فقلت إن كلام شوشو صحيح وتزوجنا .


حياتك كانت فرحة أم حزينة بالأكثر ؟
فرحة أكثر .




لأنك متفائلة بطبعك
نعم متفائلة دائماً ، "بيقولوا هلأ بدو يصير حرب وكذا بقلن ما بيصير شي".


ما الذي تفتخرين به كأعمال تمثيلية ؟
أفتخر بعملي مع الإيطاليين مع فرقة "دزيكا" لأنها فرقة مهمة ، وكذلك أفتخر بعملي مع شوشو وأبو سليم وبمعظم الأعمال التي قدمتها "عملت إشيا كتير بتجنن".


ماذا عن الأفلام المصرية التي شاركتِ فيها ؟
صحيح كانت أدواري ثانوية ولكن كان عندي حظ بأن المشهد الذي أظهر فيه الناس لم ينسوني بعده ، فأنا شاركت في أعمال يوسف وهبي وفريد الأطرش وغيرهما .






ما هو الدور الذي لم تؤديه وعينك عليه ؟
أريد أن أجسّد دور "التيتا" ، لأني كنت دائماً ألعب دور البنت الصغيرة وأرتدي ثياب أولاد صغار و"بحط شرايط على راسي والأولاد بيصدقوا إنو أنا بنت صغيرة" ، نلتُ جائزة الطفل العربي في الأردن لأني إستطعتُ أن أقنع الطفل بأنني من عمره ، كنت أرقّص الأولاد و"إنزَل ونُطّ عالصالة وجيب أولاد وطلّعن عالمسرح".
قدّمنا مسرحية "مرجوحة نانا" "ما ضل حدا ما إجا حضرها" ، أولاد الرئيس حافظ الأسد أتوا ومعهم مرافقة ، هناك مشهد في المسرحية حيث أفراد العصابة يريدون خطفي فيقولون "أعطيها بونبونة ومنجيبها" ، الأولاد بالصالة صاروا يصرخون ويرمون لي "البونبون وأكياس الشيبس والسوسيت" ويَهتفون "ما تروحي معن بدّن يقتلوكِ" ، كان هناك من بين الحضور عميد وأحفاده جالسين على المقاعد الأمامية فصرخ العميد "أوعى تروحي بيخطفوكِ" ، فنظرت إليه "فَرَطِت من الضحك ، بس شو طلع مهضوم".


هل جنيت أموالاً كثيرة من التمثيل ؟
"الفن ما بيطعمي خبز ، أنا لو ما كنت إشتغلت بايطاليا وجبت معي مصاري ، شو كانوا يعطونا؟"، حين طلبوا منا إعادة رقصة الروك أند رول ، حيث قدمناها أربع مرّات ، أعطوني ظرفاً وآخر لزميلي كل واحد فيه 4 آلاف دولار .


4آلاف دولار ! في أي عام حصل هذا ؟
أعتقد عام 1963 .

كان بإستطاعتك حينها أن تشتري بناية بهذا المبلغ
جئت إلى لبنان "معي هالقد مصاري بس كان عندي أصحاب ريتُن ما يكونوا بديار حدا ، وأنا قلبي طيّب ، هيدا يقلي دَينيني دَيّنو وهيدا يقلي عطيني أعطيه ، راحوا المُصريات ، أماليا وين عازمتينا اليوم ؟عالـeve عالـcommodore ، أنا انبسط قول لو ما بيحبوني ما بيقولولي هيك".

واليوم جميعهم ذهبوا ، ورغم أزمتك الصحية لم تطلبي المساعدة من أحد
"ما بحب إنو حدا يشفق عليي ، أنا من النوع اللي بيستحي كتير" ، أنت إتصلت بي لتطمئن عليّ فأخبرتك بأني مريضة جداً وعندما نشرتَ لي خبراً عن أزمتي الصحية "ضَجّت الدني كلها وكل العالم صاروا يتلفنولي ليل نهار وحتى من آخر الدني" وكانت النتيجة أن كثيرين قدّموا لي المساعدة ولكن الفضل الأكبر يبقى لك ولموقع "النشرة" ، "إنتو النشرة لولاكُن أنت كِنت رِحت".





تتابعين حالياً تلقي العلاج الفيزيائي وأنتِ بحاجة إلى المزيد ، ألا زالت "مؤسسة مخزومي" متكفّلة بنفقات هذا العلاج ؟
طبعاً لا زالت مؤسسة مخزومي تقف إلى جانبي وتدعمني مادياً ومعنوياً ، حين دخلتُ إلى مستشفى الروم زاروني من مؤسسة مخزومي وقالوا لي "قررنا إنو ناخدِك على عاتقنا ما تعطلي أي هم" ، ولا زالوا من حينها متكفلين بعلاجي الفيزيائي "ومنّي عطلاني همّ وحاسة حالي أنا راسي بالسما". فعلاً "مؤسسة مخزومي" مؤسسة عريقة ولها أيادٍ بيضاء في كل مكان وهم يتواصلون معي بشكل دائم ويُشعروني بأن صحتي هي همهم الكبير ، أشكرهم جداً وأفتخر بـ"مؤسسة مخزومي" لأنها مؤسسة إنسانية بإمتياز .

من تشكر أماليا أيضاً عبر "النشرة"؟
أشكر زميلي الفنان أبو سليم الذي كان ويبقى دائماً بقربي ، نقيب الممثلين جان قسيس حبيب قلبي ، الوزير علي حسن خليل أشكره خصوصاً عندما دافع عني وقال عبر التلفزيون "ليش أماليا ما بدّن يستقبلوها بالجامعة الأميركية ، أماليا فنانة مهضومة كل العالم بتحبها وأي مستشفى بدا ياها بتفوت عليها ، أماليا مضمونة" ، وأشكر وزير الشؤون الإجتماعية وائل بو فاعور ، وإذاعة صوت لبنان الضبية وتحديداً الإعلامية تحية قنديل حبيبة قلبي ، ومستشفى الروم وسيادة المطران الياس عودة ، والمستشفى اللبناني الكندي الذي عَرَض عليّ خدماته ، وأشكر مستشفى الجامعة الأميركية ، ومستشفى بهمن حيث "أوقات بجي بحالة يُرثى لها ما في تخت بيحطوني بالإنعاش" ، وأشكر كل من إطمأن عليّ .


كلمة أخيرة
"بعد عندي تفاؤل لو كل الحكماء بيقولوا إني ما رح إمشي أنا بدي قول لا بمشي لأن قوة الله أكبر والله ما بيترك حدا بيكفي إنو ما خلّاني إنذَلّ لحدا" ، وأتمنى الصحة والسعادة لكل الذين يحبوني وأقول لهم سأتعافى بإذن الله وسأجسّد هذه المرّة دور "التيتا" لأن "نانا الزغيرة" كبرت وأصبحت "تيتا".