إنطلاقاً من القول المأثور "نيال اللي عندو مرقد عنزة بجبل لبنان" ننطلق لننفض الغبار عن الكثير من المناطق اللبنانية الغارقة أحياناً في إضمحلال النسيان والتقصير الرسمي والتعتيم الاعلامي على الرغم من روعتها وجمال طبيعتها وسحر منازلها واهلها.


من بين تلك القرى والبلدات اللبنانية عكار العتيقة التي فازت كأجمل قرية سياحية في لبنان للعام 2016 بنتيجة التصويت في المسابقة التي أجرتها "L'Orient Le Jour" بالتعاون مع وزارة الثقافة.

هذه النتيجة لم تكن سهلة على الاطلاق فقد دخلت 10 بلدات لبنانية في دائرة المنافسة الشرسة التي أفضت ونتيجة التصويت إلى تتويج عكار العتيقة تلك البلدة المحرومة انمائياً والخلابة طبيعياً.

فقد رعى وزير السياحة ميشال فرعون الاحتفال الذي أقامه المجلس البلدي ومخاتير عكار العتيقة، لمناسبة فوز البلدة على أرض الملعب البلدي الكبير- كوع الصنوبر. فرعون قال :"هذا الحشد يختصر هذه الحفلة الكبيرة اليوم، وهذا الجمال يجعلنا نصوت اليوم مجدداً، أن عكار العتيقة البلدة المفضلة لدى اللبنانيين". أضاف :"الله أعطى الكثير لعكار: هذا الجمال، المياه، الطبيعة، وطبعاً اهاليها، الشباب والشابات اليوم، خزان للجيش اللبناني، العزة التي نريد أن نراها في كل لبنان، وعندما نرى هذه المشاهد والبيئة والشجر، شجر الشوح، فنشعر بأن الله معنا جميعاً ومع لبنان".

تقع عكار العتيقة في شمال لبنان ضمن محافظة عكار على مساحة تناهز الـ40 كلم2 ، ويتجاوز عدد سكانها الـ17000 نسمة يعيش القسم الأكبر منهم في داخلها بالرغم من بعدها عن العاصمة بيروت مسافة 135 كلم.

وحدة أهل البلدة كما يقول رئيس بلديتها الأستاذ خالد بحري وتضافر جهود شباب البلدة أثمرت هذه النتيجة الرائعة بعد عملية تصويت مكثفة.

فالكل كان يعمل كخلية نحل، الصغير والكبير المزارع والتاجر الشيخ والأستاذ المرأة والرجل، الكل كان يعمل على الاستفادة من علاقاته خارج البلدة وأحياناً خارج لبنان وكانت النتيجة مشرفة. أضاف متوجهاً بالشكر إلى كل الذين صوتوا لعكار العتيقة من مختلف القرى والبلدات العكارية والشمالية ولبنان عموماً من مختلف الهيئات والمؤسسات التربوية والشبابية.

تعتبر عكار العتيقة من أكثر البلدات الشمالية المعروفة بطبيعتها الخلابة وغاباتها المتنوعة ومياهها العذبة وشلالها الهادر معظم أشهر السنة، والغنية بمعالمها الأثرية المتنوعة التي أصبحت شاهداً على الحضارات التي مرت على هذه البلدة. فهي تستحق أن تكون مفضلة لدى اللبنانيين نظراً لتنوعها الطبيعي وغناها بالثروات من قلاع وحصون وكنائس وأديرة ومساجد من العهود البيزنطية ومقابر من العهود الرومانية وما تلاها من حقبات، الى قلعة بني سيفا التاريخية التي تتميز بها هذه البلدة وغاباتها التي تميزها غابات الشوح والأرز المعمرة، كل ذلك وكل هذه المقومات جعلت منها بلدة نموذجية لنيل هذا اللقب، فانهال التصويت بقوة لتحتل البلدة الموقع الأول بين قريناتها إذ نالت 46,9 في المئة من الأصوات فيما احتلت اهدن المرتبة الثانية بنسبة 39 في المئة وكفرذبيان في المرتبة الثالثة بنسبة 9 في المئة، أما المراتب الأخرى فتقاسمتها كل من ضهور الشوير، دوما، حمانا، جزين، راشيا الوادي، الصرفند واليمونة.

وعكار العتيقة كغيرها من الكثير من البلدات الشمالية المحرومة انمائياً، والتي تفتقر بحسب رئيس البلدية الى الدور التنموي من قبل الوزارات المعنية. فهي تستحق الإهتمام بثروتها الطبيعية وتراثها التاريخي.

كما تستحق أن توسع فيها طرق المواصلات وأن تعالج مشكلة الصرف الصحي بشكل نهائي استكمالاً لعمل البلدية الدؤوب. كما تستحق أن ترمم آثارها الحضارية المتنوعة.

وتبقى عكار العتيقة نموذجاً للكثير من البلدات اللبنانية التي تتميز بسحر طبيعتها الخلابة ومعالمها الاثرية وتعايش أهلها ليبقى لبنان صورة مشعة للجمال والثقافة والحضارة .