ربما أمسينا في لبنان، على أحرّ من جمر الإنتظار لكل ما يضحكنا في زمن الدموع والحسرة .

ربما، أصبحنا منقّبين عن مناجم السعادة وبترول الفرح الثمين، ربما بتنا ساعين وراء رغيف الحرية وحرية "فشات الخلق" بين اللحظة واللحظة. نعم، إلى مرحلة السعي الدائم عن السعادة وصلنا، نغتنم فرصة إلتقاط النَفَس، لنلتمس بعضاً من مقويات الروح و دعائم المعنويات.
فكما لقهر الأيام أسيادها من سياسيين ومافيات، كذلك للفرح والضحك ملوكه من كوميديين وصنّاع فن ومسرح. ماريو باسيل يدعمنا سنة تلو السنة بحقنات إيجابية في هذا البلد الموسوم بالسلبية، يجمعنا تحت سقف إفتقدناه، نحن من تعوّدنا على الإنقسامات في العراء المكشوف للتاريخ.


مسرحية كوميدي نايت on the road ، هي تجربة جديدة للكوميدي المبدع ماريو باسيل، تُضاف إلى لائحة المواد الفنّية المقدّمة على الساحة اللبنانيّة. جَمع ماريو أصدقاءه وأحباءه هو وكل فريق المسرحية، في عرضٍ رقم صفر، يتلقّف من خلاله ردات الفعل و التعليقات، إيجابية كانت أو سلبيّة. صحيح بأنها ليست المرة الأولى التي يقدّم فيها ماريو باسيل عملاً كوميدياً ، لكنه حرص على أن لا يدخل في التكرار وـلا يقع في حفرة الإبتذال. و هكذا كان، المسرحية قُدّمت بمنهجية واضحة و تراتبيّة في المخطط والتنفيذ. أيّ أن السكيتشات كلها، أتت تطبيقاً لمشهدٍ واحدٍ جامع لماريو وميشال أبو سليمان، وهما يتنزهان في ربوع لبنان، متنقلين من منطقة إلى أخرى، ومعها ينتقلان من إسكتشٍ إلى آخر. كل الممثلين كانوا على قدر السيناريو المكتوب بحرفيّة، مع تخفيض ملحوظ من نسبة السياسة وإرتفاع موفّق في المواضيع الإجتماعيّة وحتى الفنّية.


تاتيانا مرعب، جنيد زين الدين، ورودريغ غصن شكّلوا جميعاً عناصر إضافية إلى محتوى النصّ، بأداءٍ مميز وإحترافٍ واضح في التمثيل الكوميدي والحركة الناشطة على المسرح. المسرحية تختصر في إسكتشاتها كل ما يمرّ به لبنان من أزمات سياسيّة، نفايات عارمة، رداءة في الإعلام، تدهور في الفن، وتقهقر في الحياة الإجتماعيّة. بإختصار، المسرحية هي مرآة للبنان بجماليته وقباحة مآسيه.
لا شكّ بأن غياب كل من هشام حداد وطوني أبو جودة، ترك فراغاً واضحاً في بعض المضمون، لأنهما كانا يقدمان موادّ تمثيلية مختلفة، خاصة بكل واحد منهما، هشام بعفوية الإرتجال وحركات الوجه، وطوني في الثقافة المسرحية العالية وحركة الجسد الخلاّقة.
أما ميشال أبو سليمان، وهو العنصر الجديد، فكان له الحيز المهم من المشاهد والتعليقات.


كل ما في المسرحية جديد، حتى "ماريوكا" الشخصية المحبوبة من قبل الناس، صعدت إلى المسرح لأول مرة بحلّة جديدة وبموضوعٍ جديد، نترك تفاصيله للناس عندما سيشاهدون العرض.
في النهاية، تقبّل ماريو بكل رحابة تعليقات الحضور، آخذاً بعين الإعتبار كل تفصيل أعطي له لكي يضمّنه في العروض اللاحقة للمسرحية.

مسرحية ماريو باسيل، ضرورة ملحّة في أوقات المحن التي نشهدها، هي جرعات فرح، نحتاج إليها بكميات كبيرة حتى حدود الأوفر دوز.

لمشاهدة ألبوم الصور كاملاً إضغطهنا.