أصبح الموتُ على شواطئ أوروبا مصيراً يلاحق أطفال النازحين السوريين، صور الجثث الممددة في اليونان وتركيا كسرت قلوب العديد من مراقبي أزمة النازحين في الإتحاد الأوروبي، فالأزمة السورية وما خلفته من قتل ودمار، تركت نقشاً دموياً على شاطئ المتوسط سيبصم تاريخ العرب للأبد.

وفي ظل ما يحصل من إبادة عمياء تتستر بالسياسة كان لابد من وقفة إنسانية تصرخ بوجه قتل الأطفال والعائلات البريئة الا من تهمة طلب الحياة.


محمد غملوش طالب دراسات عليا في العلاقات الدولية، في جامعة "Brunel University of London" قرر اثارة مشاعر زملائه واطلاق حملة "humanitarian hands up" والتي نالت اهتمام العديد من متصفحي شبكة التواصل الإجتماعي في الجامعة.مئات الطلاب بادروا الى المشاركة في الحدث والتعبير عن حزنهم لما اصاب ويصيب اطفال سوريا وفلسطين والمنطقة عموماً.

محمد قام بعصب عينيه، ووقف لمدة لم تقل عن 3 ساعات متواصلة، رافعاً يديه عالياً وإلى جانبه العلم الفلسطيني، ولوح كتب عليه "فليحل السلام على لبنان وسوريا وفلسطين وباقي دول العالم".

"Why have eyes if you can't see, Why have hands if you can't help" هي العبارة التي تبناها غملوش في حملته الجريئة، تمكنت من لفت إنتباه الكثيرين وأثارت فضول المئات من رواد مواقع التواصل الإجتماعي الذين أكدوا دعمهم الكامل للفكرة التي أراد محمد أن يوصلها إلى قلوب الجميع.
محمد إبن الـ22 عاماً حزم أمتعته العام الماضي وتوجه من بلده لبنان إلى بريطانيا بحثاً عن العلم ولقمة العيش، لم تشمل حملته غايات مادية، بل سعى الى "التوعية" الإنسانية من دون مقابل.

محمد لم يكن وحيداً، فقد وجد يد العَون من عدّة أشخاص معظمهم أجانب، لا يفرقون بين عربي وأوروبي أو لاجئ ومواطن، أثارت مشاعرهم صور الأطفال الأبرياء الذين يلقون حتفهم كل يوم جراء الحرب، وشاركوا محمد في الحملة دون تردد.

وليس غريباً أن نسمع بأن إحدى الإذاعات اللبنانية لم توافق على تغطية الحدث بعد أن كان محمد طلب منها التغطية، حتى ولو كان حدثاً يرفع إسم لبنان عالياً.

موقع الفن كان حريصاً على متابعة الحدث، وكان لنا هذا الحوار مع محمد حيث قال لنا :"الفكرة كانت بعث رسالة غير سياسية في محاولة لتوجيه النفس والروح الإنسانية الى ان ما يحصل في المنطقة من ازمات ابعدت اعيننا عن ما هو اساس : قتل الأطفال والجرائم الوحشية . لذا كان لابد من الخروج بفكرة مبتكرة تخدم هذا الهدف ، ولو ان الأمر حصل في لبنان لمرّ مرور الكرام لأن وللأسف المستوى الثقافي عند جيل الشباب في لبنان منوم مغناطسياً بالفكر الحزبي وما يؤكد كلامي انني كنت قد تواصلت مع احد التلفزيونات اللبنانية ولكن لأن الموضوع لا يخدم اجندة سياسية أو مالية لم تتمّ متابعته".

وأضاف :"لم تحصل أية مضايقات والطلاب عشقوا الفكرة واحتضنوا النشاط وتبنوه، لا بل طالبوا إتحاد الطلبة البريطاني NUS بتفعيل هذا النوع من الأنشطة على مستوى جامعات المملكة المتحدة".