"لي مع قطر تاريخ طويل، وأهل وأصدقاء وأحبة، أشعر هنا بأنني في بلدي وبين أهلي.

.. منذ سنوات طويلة لم أقف على المسرح، وعندما قررت العودة ها أنذا أقف لأغني في الدوحة"... مع هذه الكلمات الصادقة والنابعة من قلب محب، عبّرت سمراء البادية وحبيبة قلوب الملايين وصاحبة الشامة العلامة والغمزة الشهيرة سميرة توفيق عن سعادتها بزيارة دولة قطر والمشاركة في مهرجان ربيع سوق واقف 2016، وذلك خلال مؤتمرها الصحفي الذي عقد أمس في فندق المرقاب في سوق واقف وتحت إدارة الإعلامي فواز مزهر.

توفيق، التي التقت بوتقة من أهل الصحافة العربية، بدت منفتحة على كل الأسئلة وأخذت تردّ على الجميع بابتسامتها المعهودة ورقيّها الواضح وذكائها المتقد. ولا نخفيكم سرّاً إن قلنا إنها بدت كالبدر في أوانه وسط إعجاب جميع الحاضرين الذين بدوا مذهولين ومنبهرين بمدى الكاريزما التي تتمتع بها وقوة الحضور التي تفرضها بتواضعها. باختصار، لم يكن مؤتمراً صحفياً بقدر ما كان شبيهاً بلقاء الأحبة بمعشوقتهم... إنه لقاء العمر الذي جمعنا مع كبيرة من لبنان إسمها سميرة توفيق.

المطربة الكبيرة سميرة توفيق صرّحت خلال المؤتمر بأنها شعرت بالرهبة لدى مواجهة الجمهور العريض في سوق واقف على الرغم من أن كل تفكيرها كان منصبّاً على تمكنها من الوقوف.

وقالت: "قلبي كان كبر الدوحة كلها... عندما بدأت بالغناء شعرت بالتعب ومن ثم فتح صوتي إذ لم أقم بتمارين كافية.

لطالما كانوا يلقبونني بـ"وحشة المسرح"، وإذا كانت عودتي لإحياء المهرجانات من جديد من خلال حفل كهذا فأنا على استعداد للمشاركة ولو اضطروا لمساعدتي على الوقوف لأتمكن من الغناء".

أما بالنسبة إلى فناني اليوم، فأكدت أن ثمة أصواتاً كثيرة تعجبها، وأنه لكل فنان بصمته الخاصة، ولفتت إلى إعجابها تحديداً بالفنان القطري فهد الكبيسي وكذلك الفنانة اللبنانية ديانا حداد التي تعتبرها بمثابة شقيقتها، وأعلنت أنها أفضل من أدّى أغنياتها، وأضافت: "مبروك عليها أغنياتي وأسلّمها الوصية كما فعل وديع الصافي مع الفنان عاصي الحلاني الذي يستحقها". وفي المقابل، لم ترفض توفيق فكرة أن يقوم أحد الفنانين أو إحدى الفنانات بأداء أغنياتها بشرط احترام الكلمات والألحان، خاصة أن البعض منهم يقوم بنسب الأغنية لأنفسهم، وتابعت بالقول: "لو لم يحبّوني لما أدّوا أغنياتي".

وأشارت سمراء البادية إلى أنها قدّمت 14 فيلماً سينمائياً، 3 منهم في سوريا، وأن أول فيلم قامت ببطولته كان "بدوية في باريس"، ومن بعده فيلم "بنت عنتر". ولفتت إلى أن صناعة السينما حينها كانت في بدايتها وكان الفضل في تقدّمها للمخرج الراحل محمد سلمان، وأن الأجواء كانت مختلفة عن اليوم كثيراً فقد كان الفنانون يتعاملون مع بعضهم البعض وكأنهم عائلة واحدة.

وتحدثت أيضاً عن تأسيس جمعية ضمّت مجموعة من أبرز الملحنين والفنانين ومن ضمنهم الشاعر الراحل نزار قباني، وعلّقت بالقول: "كنا عائلة وكان العمل السينمائي خالياً من الأحقاد والنميمة والبغض".

وعن سرّ ابتعادها عن الساحة الفنية خلال السنوات الماضية، أعادت سميرة توفيق السبب إلى وضعها الصحي والمشكلة التي تعاني منها في ركبتها التي تحتاج لإجراء عمليات جراحية. ولم تنفِ توفيق أن ما أبعدها أيضاً كان الوسط الفني اللبناني الذي يعاني اليوم جرّاء هجوم الدخلاء عليه فقد بات كل شخص فناناً.

وأضافت: "الوسط الفني لم يشجعني على العودة والدخول في المعمعة، وكنت أنتظر مناسبة ضخمة مثل مهرجان ربيع سوق واقف للمشاركة فيها".

وأعلنت توفيق أن الحرب قضت على جزء كبير من أرشيفها الخاص، وأبدت سعادتها بأن إذاعة صوت الريان، التي تهتم بالحفاظ على التراث الفني العربي، تحتفظ بأعمالها الغنائية. كما قدّمت توفيق مجموعة من النصائح للفنانين الجدد بأن عليهم أولاً الابتعاد من الغرور كلياً فكلما كبروا عليهم أن يصغروا، وعدم محاولة التقليد وبالتالي أن يقوم كل فنان بتقديم لون خاص به وإعادة المحاولة أكثر من مرة بهدف النجاح، والأهم أن يحبّ عمله.

وختمت بالقول: "في حياتي كلها أدّيت عدداً قليلاً من أغنيات غيري، وفي مناسبات معينة، ولكن بمحبة".

وفي معرض حديثها عن الأغنية السعودية، ذكرت سميرة توفيق أن الفنانة نجاح سلام كانت أول من غنّى اللون السعودي وذلك من خلال أغنية "يا ريم"، وأنها تبعتها بتقديم عدد كبير من الأغنيات التي حققت نجاحاً كبيراً.

وقالت :"الفضل للأستاذ طارق عبد الحكيم والفنان الراحل طلال المداح اللذين وقفا إلى جانبي. للأغنية السعودية فضل كبير على نجاحنا وعلى تقديم الأعمال الجميلة".

وعن إطلاق إسمها على الشارع الذي تقطن فيه في منطقة الحازمية، نوّهت سميرة توفيق بهذا التكريم، وأشارت إلى أنه فور عودتها إلى لبنان ستتمّ إزاحة الستار عن اللوحة. وتوجهت بالشكر إلى من ساهم في هذا العمل، قائلة :"أشكر رئيس بلدية الحازمية جان الأسمر وأعضاء البلدية على تخليدهم إسمي في شارعي، كما أشكر وزارة الداخلية لأنني أول فنانة لبنانية تتلقى هذا التكريم".

وكان لـ"الفن" سؤال أثار اهتمام المطربة الكبيرة سميرة توفيق وتأثرت به كثيراً، إذ تطرّقنا من خلاله إلى الوفاء النادر الذي يتضح جلياً من خلال أعضاء الفرقة الموسيقية التي ترافقها، وعودة بعضهم إلى العزف فقط لأجلها، فأجابت :"علاقتي بهم ليست فقط علاقة عمل بل هم عائلتي ومن المستحيل أن أصعد إلى المسرح إلا وهم معي. الأستاذ محمد الصالح مثلاً توقف عن العزف منذ 16 عاماً بعدما توقفت بنفسي عن إحياء الحفلات واتجه لممارسة عمل مختلف من خلال افتتاح استديو خاص به، ولم يعزف مع أي فنان آخر، وكذلك الأستاذ ستراك وهو أحد أهم عازفي الإيقاع في لبنان والعالم، بينما لم يمضِ يوم إلا وكان جورج شقر يتصل بي للاطمئنان إلى صحتي. وقد افتقدت بالطبع لجوزيف كركور، وللبرجاوي الذي لا يزال مكانه محفوظاً ولا يمكن أن يملأه غيره، إنها عشرة العمر...".

وعلى هامش المؤتمر، تحدثنا إلى المطربة الكبيرة سميرة توفيق التي خصّت رئيسة التحرير الإعلامية هلا المر بكلمة من القلب قالت فيها :"هلا حبيبة قلبي، وهي إنسانة عظيمة، أصيلة، وفية ومحبة، ومن النادر توفّر شخص بمواصفاتها، كما أنني أحبها وأحترمها وأقدرها جداً كإعلامية".