ربما لو كنا نعيش في بلدٍ طبيعي على المستوى السياسي- الإقتصادي- الأمني- الثقافي و الإجتماعي، لم أكن لأردّ على ما قرأته منذ أيام في ظلمة ما بعد منتصف الليل.

فإكتشفت أن كلام الليل لن يمحوه إلا ردّ النهار. ويبدو أن من مساوئ مواقع التواصل الإجتماعي، ليس فقط "الفلتان" الإعلامي وإنما بدأت عوارض أخرى تتكشف على الجسم الضميري الإنساني، إكتشفت أن مواقع التواصل، تصيب شرايين الوفاء بنقص التروية الدمويّة، وتسرّع من دقات القلوب الحاقدة، كما أنها تسبب بفقر دم الوعي عند الناس.
من أبرز ما لفت إنتباهي هو تصريح المخرج الذي نحترم جداً "ناصر فقيه"، عندما أبدى نصيحة أرسطويّة أو أفلاطونية أو ما شبه، إلى المبدع مروان خوري، فكتب له "روشتة" علاجية، طالباً منه أن يكتفي بالتأليف والتلحين، وأن يبتعد عن غناء مقدمات المسلسلات الرمضانية، فهي لا تليق به بل بالفنانة إليسا.

ولفقدان الذاكرة ، منّي دواء وعلاج ، وهي جرعة قلمٍ سينفض عن النسيان غبار قلة الوفاء.
أودّ أن أذكّر المخرج فقيه ، بأنه هو و فريق عمله، سعوا بكل ما أوتيوا من قوةّ و"تمويل"، لكي يقنعوا الفنان مروان خوري بأن يحلّ ضيفاً في برنامجهم، و قد خضعوا بطاعةٍ كاملة لكل شروطه و طلباته، كما أنهم شخصياً كانوا قد طلبوا منه أن يغنّي "لو" لأنه و برأيهم "من وراء الكواليس و تحت الطاولة وفوق المعقول" أن الأغنية بصوته أجمل بكثير وخالية من دسم النشاز.
ثانياً ، نتمنى من المخرج "فقيه" أن لا تؤثر صداقته بإليسا على الرأي الموضوعي في تصريحاته، من حقّه أن يحب إليسا على الصعيد الفني أو الإنساني و طبعاً "السياسي" ، كما أننا نكنّ لها كل المحبة و التقدير لمسيرتها الفنيّة الرائعة ، ولكن ردّ الناس بالمئات عليك خير دليلٍ على عدم صوابية رأيك.

فمروان خوري إن غنّى، تتجلّى معه الموسيقى من ألف الـ"دو" إلى ياء ال "سي"، والأغنية بصوته ترنيمة تخجلُ منها وقاحة الصمت وغرور السكينة. مروان خوري، لا ينتمي إلى زمن تنانير المسارح وبلاستيكيات الجوائز، لا ينتمي إلى عصر ضوضاء النايت كلوب ، هو ذلك الفونوغراف الفخور، هو تلك الكلمة المنمّقة بثراء المعاني، ذلك اللحن المعزوف على وتر الإبداع، هو الصوت وليس أنصافه.