يا رابضةً على مفارقِ عمري رِفقاً بالبعدِ السقيمْ،يا أنيسةَ وحدتي المعهودةِ في جمعٍ غفيرْ.

.رِفقاً بحالي التائهةِ ورِفقاً بالهوياتِ المُحيطةِ بي…يا آيةَ إنجيلٍ أُنزلِتْ عليّ في غارِ الغُربةْ…أتختبرينَ صبري المحدودَ بكِ أو شوقيَ اللامحدودْ…

يا هبةَ السماءْ…قدْ أوحيّ إليّ في منامٍ منْ قبل أنكِ ستأتينْ…تحتَ شتاءِ عمري المهدورْ…في فصلٍ غريبٍ من فصولِ الدهرْ…تلبسينَ معطفاً أحمراً قانٍ بوجهٍ ذي لُجينٍ بسيطٍ و مُذهلْ..و عيناكِ ذوا هالةٍ شبيهةٍ بولادةِ كوكبْ..تزينينَ الأرضَ تحتَ قدميكِ بخطواتٍ تشهدُ لها الأنوثةْ….و لكنْ لمْ أتصورْ يوماً أنّ لهذهِ الرؤيا تفسيراً وأنَكِ كُنتِ موجودةً كُلَّ هذا الوقتِ بعيدةً قبلَ أنْ تحضرينْ…
يا أيّتُها المُتربعةُ على سفينةِ الغيبْ…أذهلَني الظهورْ..كعصفورٍ نعسْ..فاجأهُ الشروقْ….دون فجرٍ مُسبقٍ و دونَ ملامِح نهارْ…
كمْ يشبهُكِ العشقُ و كمْ منكِ الحُب يغارْ!
وكمْ منْ حرفٍ انْ كانَ لكِ استترَ لخجلهِ و احتارْ..يا مدينةَ العاشقينَ يا سفيرةَ الخلودِ يا رسولةَ الملائكةِ و مبعوثةَ الجمالْ, لامسي وجوهَنا بعطركِ الغار ْ,و عالجي آلامَنا بأنامِلِكِ السحريةْ…
يا كُلّي, أنتِ صدى الاشتياقِ في قوقعةِ الانزواءْ،ترتطمينَ بالذاكرةِ كفأسِ مُحاربْ…فلا وجودُك يُنسى و لا حاضرُك غائبْ،يا سيدةَ الفينيقْ..رمزٌ أنتِ لآلهةِ صورْ…و تمجيدٌ لأساطيرِ الأصنامْ،أنتِ زجاجةُ نبيذٍ إن مالَ كفُّها على خصرٍ تجري كالأنهارْ…
يا أيّتُها الناظرةُ في أعماقِ عيوني…لا تسأليني من أنا الآنَ في حضرةِ اللا زمنْ و لا من أكونُ في حضرةِ السكونْ..
يا سيّدتي. فإني نارٌ في الهوى..تُقدسُّني عباراتُهُ العقيمةُ من الكذبْ.. و تتهاوى من إحتراقي كالرمادِ من الهشيمْ…
يا رابضةً على مفارقِ عمري…
يا كُلَّ قصائدِ الشعراءْ..و كُلَّ حروفِ الشعرْ .أنا لستُ بنذارِكْ…إنكِ لي كُلُّ نساءِ القباني…و أنتِ مِني بمنزلةِ سلمى من جبرانْ…يا عطرَ الوردِ المنثورِ طولَ المسافاتْ.. و يا بيدرَ القمحِ الذي أزهرَ نجوماً بسنابلْ…قد بلغتِ مِن قلبي وريداً حيّا،يا ذراتِ الأريجِ المتغلغلةَ في فضاءٍ يحتضرُ على بابِ الصيفِ في يومٍ أرْونَان..ثوري..
ثوري ضِياءَ شمسٍ على وجهِ البِحارِ الهادئةْ..ثوري موجاً على شموخِ التِلالِ البائسةْ..ثوري على الحياةْ..و أحييها…ثوري على الوجوهِ المتلبدةْ، و أحيكي مِن نضارةِ لُقاكِ بسمةً لليائسينْ…
يا أيتُها المستعصيةُ على الحزنِ كفراشةٍ بوجهِ الريحْ…إنفضي بخيالِكِ الحاضر ِوجداني..و اقتلعي ذاكرتي المتناقضةَ بين ماضٍ و حاضرْ…و خذي أشجاني و اْعزفيها لحناً حنونا..يسقي الوجودَ و يحثُّ البقاءَ على البقاءْ…فأنا منذُ سنين أحتاجُ الى امرأةٍ تُعيدُ ترتيبَ الضجيجِ في روحي….و ترسمُ منْ جديد كيانيَ التائهَ في زوبعةِ اللاوعي و تجعلُهُ خطاً يستقيمُ في الوجودِ و معناهْ…و يتعرّجُ في حُبِّها و تعبيرِه و تفسيرِهْ..فأنا منذُ سنين أحتاجُ إلى بُعدٍ لم يُكتشفْ بعدُ في فضائي المتمكنِ من خَلَدِي…و أحتاجُ الى امرأةٍ تراني و أراها كمرآتينِ متقابلتينْ…فيها ألفٌ مني و ألفُ وَفيّ الفٌ منها و ألفُ و إلى ما لا نهايةْ…فأنا منذُ سنين أحتاجُ إلى إمرأةٍ تحتويها غريزتي الرجوليةُ الناقصةُ دونها…إلى أنثى تتدرجُ منها معاني الأنوثةِ في معجمِ حواء النادرْ…و أحتاجُ كثيراً…و أنتِ الكثيرْ..
يا أيَُها الربيعُ المُنسّقُ بالورودِ و المُزينُ بتغاريدِ الطيورِ الشاديةْ…أنتي ألواني البارقةُ في أحداقي و الزاهيةْ..
كيف يُقالُ أُحبُّكِ دونَ أن تشعرَ الكلمةُ بالمللْ …كيف أقولُها بألفِ صوتٍ و لكنةٍ و لغةْ…فإني أحبّكِ جداً و جداً وأعلمُ أنّنا قريبانِ جِداً و أعلمُ أنّ المسافاتِ بينَنا كاذبةُ..كاذبةٌ…كاذبةْ…
يا أيتها الناصعةُ بين أطباقِ الياسمينْ..و الباسمةٌ على غصنِ الأرومْ، عصرتُ نواةَ الشمسِ في دُواتي و سقيتُ منها “نوراً” ظلالَ السوادْ…و اقتربتُ منكِ ذاتَ ليلةٍ حتى تصدّعتْ كؤوسُ السُقاة…و كُنتُ قريباً..قريباً مسافةَ محاقينْ…و ذابَ البدرُ حينَها..ذابَ على القطبين..ْ قُطبٍ خجولٍ و قطبٍ سارحْ…قامَ الليلُ و الصمتُ صارِخْ…و أذّنَ قلبي “حيّ على الحُب” و دُقتْ أجراسُ الشغفِ بين جنبَيّ…فقطفتُ النجومَ و مددتُها من العيونِ و جعلتُ من نفسي بعدَ العِشقِ فيكِ إلاهاًً في الكلامْ،ورسمتُ زمزمَ أحرُفاً وخطوطا،وتوضأتُ بِها أغسِلُ أخطائي لعلّها تُغفَرُ بالوضوءْ، و صَليتُ قَصراً على رِمْشَيكِ أدعو الإلهَ انَ يُبارِكَ موضِعَ الصَلاة…

الكاتب جواد جابر يحب الشعر وكتابة الخواطر منذ كان عمره 13 عاماً ، والحنين للوطن والحبيبة ظاهرين بكتاباته ، ليس متأثراً بكتاب معيّن ولكن جبران موجود جداً بحياته . ملهمته هي "تلك التي تدور في الفلك"...يكتب بكل الأوقات وبأي لحظة يمكن أن يحضر عنده الكلام وكلماته جاهزة وفي أي مكان ، يُتقن الإرتجال وتساعده سرعة البديهة بهذا الأمر ، يعشق المرأة ويعشق الوطن .