هي ريتا حايك واحدة ، وهو بديع ابو شقرا واحد لا ثاني لهما، جمعهما حبهما للمسرح والتمثيل فانصهرا على خشبته واصبحا جزءاً لا يتجزأ من لعبته، اجتمعا في مستودع قديم، هو مخرج وهي ممثلة تنتظر فرصتها، فأتى اعلان الكاستينغ لبطولة مسرحية venus، عندها ينقلب السحر على السحر ويصبع بديع المخرج اسير فاندا الباحثة عن الشهرة ولو بأبخس الاثمان، اقله هذا ما نراه وما نسمعه من فاندا السوقية قبل ان تتحول وبسحر ساحر الى venus الانيقة.

هو ذلك المازوشي المستمتع بالعبودية، وهي الهة الحب والجمال السادية بامتياز يقودهما مخرج متمرس هو جاك مارون الذي عرف كيف يستغل طاقتهما المتاججة التي اشعلت مسرح مونو ليس من خلال حوارات مبتذلة او مصطنعة، ولا من خلال اطلالات فاضحة انما من خلال اداء محترف بتقنية عالية وعالية جداً.


أنا هنا لن اتكلم عن مسرحية "venus" التي سبق وكتبنا عنها ، لقراءة الموضوع السابقإضغط هنا، انما لأكتب عن ممثلين من بلادي يمتلكان ادوات التمثيل الكاملة ويستهلكان نفسيهما لاجل ايصال الفكرة، مهما كانت هذه الفكرة، المهم بالنسبة اليهما الاداء وايصال الشخصية التي يقدمانها للمشاهد بكل بساطتها وقوتها وضعفها ، بكل تقلباتها النفسية والجسدية.


ريتا حايك اقل وصف ممكن ان يُطلق عليها انها "غولة تمثيل" فهي تتخلى عن جمالها ومظهرها لتنصهر في الشخصية التي ستلعبها، تتقمصها حتى العظم، تذوب فيها وتحولها من كلام على ورق لانسانة من لحم ودم وهذا ما فعلته بـ"فاندا"، فـ فاندا في مسرحية "venus" توازي بحضورها حضور venus تماماً ، وريتا هنا نافست نفسها بنفسها فقدمت شخصيتين متناقضتين مختلفتين واحدة فاجرة وعاهرة وابنة بيئة سوقية، وثانية lady بكل ما للكلمة من معنى .


أمّا بديع فهو ذلك الشاب الذي يمتلك طاقة تمثيلية لا يستهان بها، يستخدم كل حواسه وجسده ونظراته وحركات يديه وكل شيء فيه بهدف ايصال الدور وايفائه حقه كاملاً، فهو مجنون تمثيل بلا منازع، وملك الابداع من دون منافس، يمتلك ادواته ويشغلها حتى آخر شعرة من شعرات رأسه .
في " venus " وقبلها اثبت ريتا وبديع انهما الرقم الصعب في المعادلة الدرامية اللبنانية، وبالطبع بعد"venus" سيثبتان انهما من اهم الممثلين العرب وليس اللبنانين فقط.


وعلى الرغم من تعابير المسرحية ريتا "الشر...." وبديع "المن.." فالممثلان أخذانا خلال ساعة ونصف الساعة الى اماكن بعيدة وبعيدة جداً عن اي ابتذال على الرغم من قسوة الحوار حيناً والمَشاهد احياناً، وعلى الرغم من ان لا تغيير في الديكور.
ريتا حايك وبديع أبو شقرا أنتما فخر الصناعة اللبنانية وتاجها ورأسمالها، أنتما بضاعة باب اول، أنتما جريئان متحرران مقدامان وواثقان ، ومعكما يحلو الفن وتحلو المشاهدة والمتابعة التي تتحول من مجرد عرض الى متعة حقيقية.