2015 هو العام الثالث الذي تحضر فيه أم كلثوم على مسرح قصر الأونيسكو ، فبعد عامي 1954 و 1965 ، حضرت أم كلثوم للمرة الثالثة ولكن هذه المرة بشكل مختلف ، من خلال تكريمها بتقديم أغنياتها بأربع حناجر عربية وبمعرض صور مميز جداً .

لمناسبة مرور أربعين عاماً على رحيلها ، كرّمت "لجنة تكريم روّاد الشرق" الفنانة أم كلثوم ، بالتنسيق مع وزارة الثقافة في لبنان ووزارة الثقافة في مصر وبالتعاون مع بلدية بيروت والسفارة المصرية في بيروت ، بمشاركة الأوركسترا الوطنية بقيادة أندريه الحاج ، والفنانات نادين صعب من لبنان الدولة المنظمة، كارمن سليمان من مصر ، يسرى محنوش من تونس ونزهة الشعباوي من المغرب ، بحضور الوزير رشيد درباس ممثلاً رئيس الحكومة تمام سلام ، الرئيس حسين الحسيني ، الرئيس فؤاد السنيورة ورسميين وفنانين ومثقفين ومفكرين وصحافيين وإعلاميين من مختلف الدول العربية .

بدأ الحفل بالنشيد الوطني اللبناني ومن ثم النشيد الوطني المصري اللذين عزفتهما موسيقى قوى الأمن الداخلي ، وكان شريط مصوّر عن حياة أم كلثوم .

قدمت البرنامج الدكتورة ريما نجم بجاني ، وقدّم الفنان التشكيلي برنار رنو لوحة للسيدة أم كلثوم ، وكانت كلمات لكل من رئيس "لجنة تكريم رواد الشرق" أنطوان عطوي ،رئيس بلدية بيروت الدكتور بلال حمد ، مدير عام وزارة الثقافة فيصل طالب ،كما ألقى السفير المصري في لبنانمحمد بدر الدين زايد كلمةوزير الثقافة المصري جابر عصفور الذي لم يحضر بسبب الأحداث الأليمة في مصر ، كما وتم تسليم زايد درعاً تكريمياً .

بعدها حان وقت الغناء فأطلت بداية نزهة الشعباوي من المغرب وغنت "أنا في إنتظارك" ، تلتها يسرى محنوش من تونس بأغنية "الأطلال" ، بعدها أطلت نادين صعب من لبنان بأغنية "للصبر حدود" ، وكان الختام مع كارمن سليمان من مصر بأغنية "هذه ليلتي".

رئيس "لجنة تكريم رواد الشرق" أنطوان عطويقال في كلمته إن العالم العربي بحاجة لمثل أم كلثوم ولأشخاص يعرفون قيمة هذا الشرق الذي يعاني من أشخاص يقتلون البشر ويحرقون الحجر".

رئيس بلدية بيروت الدكتور بلال حمد:"لن أنسى تلك الإطلالة البهية لسيدة الغناء العربي في هياكل بعلبك وهي تغني "الأطلال" ، والعجب العجب أن الأطلال عادت أطلالاً ، صارت بناء كاملاً متراصاً بفعل صوت شجي أعاد الحياة لما تبقى من تلك الهياكل ، وعلى الرغم من الأيادي التي كانت تصفق بحرارة الحناجر الهادرة التي كانت تطلب الإعادة ، بقي صوت السيدة أم كلثوم هو الطاغي عندما كانت تردد "أعطتني حريتي أطلق يدي إنني أعطيت ما إستبقيت شيئاً".

"السيدة أم كلثوم لم تكن قيمة فنية وثقافية وحسب ، إنما كانت أيضاً قيمة وطنية عالية ، هي التي غنت "أصبح عندي الآن بندقية إلى فلسطين خذوني معكم" وهي التي جالت أنحاء المعمورة سلاحها صوت ولحن وإرادة صلبة ، وأقامت الحفلات الكثيرة في بلاد الغرب والتي عاد ريعها إسهاماً في إعادة تجهيز الجيش المصري بعد نكسة 1967".

مدير عام وزارة الثقافة فيصل طالب
نتكاتف اليوم لتقديم وردة وفاء لسيدة الغناء العربي، الحاضرة أبداً في الذاكرة والوجدان وفي الآذان والقلوب.
ونحن، إذ نعيش اليوم أزمة تطرف وإلغاء وموت ودمار في غير بلدٍ عربي، نتطلعُ إلى إحقاق ثقافة التسامح والاعتدال، وتظهيرها بأنصع بيان وأبهى صورة وأصدق ممارسة.
دعونا نستعيد لمحات من تاريخ مضيء مشترك، في علاقات مصر ولبنان، نستلهم نضالات رجالات النهضة العربية، التي صنعها مفكرون لبنانيون ومصريون على أرض مصر، زمن محمد علي والخديوي اسماعيل ...
نتذكر النشر والمجلات والكتب والجمعيات والمنابر ... ومطبعة بولاق القاهرية، وجرجي زيدان وفرح انطون وبشارة وسليم تقلا ويعقوب صروف والأهرام والهلال وريادة رفاعة الطهطاوي وجمال الدين الإفغاني ومحمد عبده، ودعوات تحرير الفكر من قيود التقليد على هدي العقل ... نتطلع إلى تلك النصوص التأسيسية التي خطّها التنويريون هؤلاء، مصريون ولبنانيون، على أرض مصر قبل أكثر من قرن - فأشعلت صحوة وطنية ويقظة عربية شاملة.
ما تزال السيدة العظيمة تلهمُ القلقين الحالمين، بزمانها وأصالة فنها، وتحرك فيهم رؤى الزمان الآتي بلا ريب، حيث يكون فيه للنهوض مشروع عربي حضاري كفيلٌ بإعادة الأمور إلى نصابها، فنستأنف حضورنا الفاعل والمؤثر في ساحة الحراك الثقافي الانساني، ويكون فيه الفن العربي الدليل والمؤشر والبرهان على حيوية الأصالة المتجذرة في إرثنا الثقافي والمنطلقة في فضاءات التفاعل الإنساني.

أيتها السيدة العظيمة ! لم تكوني يوما "في يوم وليلة"، بل أنت دائما "الف ليلة وليلة".

السفير المصري في لبنان محمد بدر الدين زايدطلب من الحاضرين الوقوف دقيقة صمت على أرواح الشهداء الذين سقطوا أخيراً في الأحداث المصرية الأليمة ، وقال في كلمته :"إقامة هذا الحفل مناسبة مهمة في التواصل الثقافي ، العلاقات الثقافية بين مصر ولبنان هذا التفاعل حاجة عربية فريدة من نوعها والرموز الذين تحدث عنهم الأخ فيصل أمثال بشارة وسليم تقلا وجرجي زيدان وغيرهما هم من نخبة عربية أصيلة شاركت مع إخوانهم في مصر في صنع النهضة العربية المعاصرة التي بدأت في نهاية القرن التاسع عشر".

موقع الفن عاد بهذه التصريحات الخاصة مع الفنانات الأربع .

نزهة الشعباوي:"إنها المرة الأولى التي أزور فيها لبنان ، طبعاً هذا حدث كبير إحياء الذكرى السنوية الأربعين لرحيل السيدة أم كلثوم وعلى مسرح الأونيسكو الذي سبق وغنت فيه عام 54 و65 ، شعوري لا يوصف بوجودي في نفس المسرح الذي غنت فيه "كوكب الشرق" أم كلثوم .
وأضافت نزهة :"أم كلثوم مدرستي الخاصة ، تعلمت منها مخارج الحروف والمقامات ووقفتها على خشبة المسرح وذكاءها ، صوتي تطوّر بفضل أغانيها ، هي سيدة عظيمة".

يسرى محنوش:"أنا سعيدة لأبعد حدود وشعوري جميل جداً لوجودي اليوم معكم وأنا أمثل تونس في بلدي الثاني لبنان لنكرم السيدة العظيمة أم كلثوم التي تربيت على أغنياتها .
وعما تعلمته من أم كلثوم قالت لنا يسرى :"نطقها ولفظ الحروف وهذا شيء يعني لي كثيراً في المغنى ، نشعر بأنها حين تنطق الكلمة تميزها عن بقية الكلمات".

وختمت يسرى :"أتمنى أن أحقق ولو ربع من مسيرة السيدة أم كلثوم".

نادين صعب:"فخر كبير جداً لي بأني ، كفنانة لبنانية ، إختاروني من آلاف كي أكرّم فنانة عظيمة مثل الفنانة الكبيرة كوكب الشرق أم كلثوم ، شعوري لا يوصف".
وأضافت :"يا ريت أنا خلقت بعصر أم كلثوم لأنه كان هناك فن حقيقي وقيمة للفن أكثر بكثير من الآن ، مع إحترامي لكل الناس الذين نتعامل معهم ولكل من يقدّم فناً الآن ، سابقاً كان الفنان مقدّراً أكثر وكان يعرف أن يختار أغنية صح لأنه لو لم تكن حينها أغنية صح ربما لم تكن ما زالت خالدة ، ما كانت إستمرت الأغنية للآن".
وختمت نادين :"من أم كلثوم أتعلم الصبر وكل شيء عانته لكي تبقى حية بعد مماتها".

كارمن سليمان:"أنا سعيدة جداً بوجودي اليوم بحفل تكريم أم كلثوم وبأني أغني أغنية من أجمل أغنياتها "هذه ليلتي" من كلمات الشاعر الكبير جورج جرداق ومن ألحان الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب ، وسعيدة جداً بأني أغني على مسرح وقفت عليه مرتين أم كلثوم وغنت".

وأضافت كارمن :"هناك رهبة كبيرة جداً من الجمهور لأني أقف على هذا المسرح وأتمنى أن أكون جديرة بوقوفي عليه ، أتمنى أن أكون عند حسن ظنهم".


ملاحظات

كثيرون من المدعوين غادروا الحفل قبل بدايته لأنهم لم يجدوا أماكن للجلوس .

الفنان التشكيلي برنار رنو رسم لوحة "أم كلثوم" خلال وجوده بين زحمة الناس وكان من المفترض أن يكون هناك من يوصله إلى خشبة المسرح لأن اللوحة كان يجب رسمها بطريقة مباشرة أمام الجمهور .

سفيرة الإتحاد الأوروبي أنجيلينا إيخهورست بقيت واقفة لدقائق طويلة إلى أن تم إحضار كرسي لها .

لم تتوفر للمراسلين الصحافيين والمصورين حرية التنقل للقيام بواجبهم المهني على أكمل وجه بسبب بعض مرافقي السياسيين الذين إعترضوا طريقهم مرات عديدة .

فنانتان من الفنانات الأربع هددتا بالإنسحاب من الحفل بسبب عدم وجود مقاعد شاغرة لمدعويهما .

لمشاهدة ألبوم الصور كاملاًإضغط هنا.