ولد الأديب ميخائيل نعيمة في بسكنتا في جبل صنين في لبنان في شهر تشرين الأول من عام 1889 وأنهى دراسته المدرسية في مدرسة الجمعية الفلسطينية فيها، تبعها بخمس سنوات جامعية في بولتافيا الأوكرانية بين عامي 1905 و 1911 حيث تسنّى له الاطلاع على مؤلّفات الأدب الروسي، ثم اكمل دراسة الحقوق في الولايات المتحدة الأميركية (منذ كانون الأول عام 1911) وحصل على الجنسية الأميركية.

انضم إلى الرابطة القلمية التي أسسها أدباء عرب في المهجر وكان نائبا لجبران خليل جبران فيها. عاد إلى بسكنتا عام 1932 واتسع نشاطه الأدبي. لقّب بـ"ناسك الشخروب"، توفي في 22 فبراير 1988.

نشر نعيمة مجموعته القصصية الأولى سنة 1914 بعنوان "سنتها الجديدة"، وكان حينها في أميركا يتابع دراسته، وفي العام التالي نشر قصة "العاقر" وانقطع على ما يبدو عن الكتابة القصصية حتى العام 1946 إلى أن صدرت قمة قصصه الموسومة بعنوان "مرداد" سنة 1952، وفيها الكثير من شخصه وفكره الفلسفي.

وبعد ستة أعوام نشر سنة 1958 "أبو بطة"، التي صارت مرجعاً مدرسياً وجامعياً للأدب القصصي اللبناني/العربي النازع إلى العالمية، وكان في العام 1956 قد نشر مجموعة "أكابر" "التي يقال إنه وضعها مقابل كتاب النبي لجبران".

سنة 1949 وضع نعيمة رواية وحيدة بعنوان "مذكرات الأرقش" بعد سلسلة من القصص والمقالات والأشعار التي لا تبدو كافية للتعبير عن ذائقة نعيمة المتوسع في النقد الأدبي وفي أنواع الأدب الأخرى.

"مسرحية الآباء والبنون" وضعها نعيمة سنة 1917، وهي عمله الثالث، بعد مجموعتين قصصيتين فلم يكتب ثانية في هذا الباب سوى مسرحية " أيوب " صادر/بيروت 1967.

ما بين عامي 1959 و 1960 وضع نعيمة قصّة حياته في ثلاثة أجزاء على شكل سيرة ذاتية بعنوان "سبعون" ، ظنا منه أن السبعين هي آخر مطافه، ولكنه عاش حتى التاسعة والتسعين ، وبذلك بقي عقدان من عمره خارج سيرته هذه.

مجموعته الشعرية الوحيدة هي "همس الجفون" وضعها بالإنكليزية، وعرّبها محمد الصابغ سنة 1945، إلا أن الطبعة الخامسة من هذا الكتاب (نوفل/بيروت 1988) خلت من أية إشارة إلى المعرب.

من مؤلفاته "المراحل" ، "البيادر" ، "جبران خليل جبران" ، "سبعون"...


أخي

أخي ! إنْ ضَجَّ بعدَ الحربِ غَرْبِيٌّ بأعمالِهْ

وقَدَّسَ ذِكْرَ مَنْ ماتوا وعَظَّمَ بَطْشَ أبطالِهْ

فلا تهزجْ لمن سادوا ولا تشمتْ بِمَنْ دَانَا

بل اركعْ صامتاً مثلي بقلبٍ خاشِعٍ دامٍ

لنبكي حَظَّ موتانا

أخي ! إنْ عادَ بعدَ الحربِ جُنديٌّ لأوطانِهْ

وألقى جسمَهُ المنهوكَ في أحضانِ خِلاّنِهْ

فلا تطلبْ إذا ما عُدْتَ للأوطانِ خلاّنَا

لأنَّ الجوعَ لم يتركْ لنا صَحْبَاً نناجيهم

سوى أشْبَاح مَوْتَانا

أخي ! إنْ عادَ يحرث أرضَهُ الفَلاّحُ أو يزرَعْ

ويبني بعدَ طُولِ الهَجْرِ كُوخَاً هَدَّهُ المِدْفَعْ

فقد جَفَّتْ سَوَاقِينا وَهَدَّ الذّلُّ مَأْوَانا

ولم يتركْ لنا الأعداءُ غَرْسَاً في أراضِينا

سوى أجْيَاف مَوْتَانا

أخي ! قد تَمَّ ما لو لم نَشَأْهُ نَحْنُ مَا تَمَّا

وقد عَمَّ البلاءُ ولو أَرَدْنَا نَحْنُ مَا عَمَّا

فلا تندبْ فأُذْن الغير ِ لا تُصْغِي لِشَكْوَانَا

بل اتبعني لنحفر خندقاً بالرفْشِ والمِعْوَل

نواري فيه مَوْتَانَا

أخي ! مَنْ نحنُ ؟ لا وَطَنٌ ولا أَهْلٌ ولا جَارُ

إذا نِمْنَا ، إذا قُمْنَا رِدَانَا الخِزْيُ والعَارُ

لقد خَمَّتْ بنا الدنيا كما خَمَّتْ بِمَوْتَانَا

فهات الرّفْشَ وأتبعني لنحفر خندقاً آخَر

نُوَارِي فيه أَحَيَانَا .