خطوة جديدة تضاف إلى سلسلة المحاولات التي يقوم بها الفنانون للنهوض بالمسرح اللبناني مجدداً، خصوصاً بعدما هجر جزء كبير من رواد المسرح الصالات ولم يعد اليها.

المخرج شارل ديك، استغل وجوده في جامعة البلمند لينطلق منها في مشروع يعيد الثقافة المسرحية إلى أروقة الجامعات والكليات "غير الفنية"، واخذ على عاتقه تدريب طلاب من اختصاصات مختلفة على التمثيل المسرحي. وها هو اليوم يخرج من حرم الجامعة إلى مسرح "بابل" حيث يعرض مسرحية "الدب" لانطون تشيخوف. موقع "الفن" حضر العرض الخاص الذي قدّم في مسرح بابل وعاد بهذه المقابلات :

المخرج شارل ديك

أهلا وسهلا بك عبر "الفن".

أهلا بك . وشكراً على حضوركم.

لقد أشرفت شخصياً على مسرحية "الدب" التي يقوم ببطولتها تلامذة من جامعة البلمند ومن اختصاصات مختلفة. بداية أخبرنا عن انطلاقة المشروع.

لقد قمنا في جامعة البلمند بمشروع يحمل عنوان " الدراسات المسرحية"، الذي هو اختصاص جزئي (خياري) للطلاب، ومن خلال هذا البرنامج نقوم بنشاطات منها الاخراج المسرحي الذي نتج عنه مسرحية "الدب". والهدف من هذا المحترف اعادة احياء جمهور مسرحي كان موجودا من قبل واختفى "ما بعرف وين راح".. نحن نحاول تدريجياً اعادة جمعه.

لقد ذكرت أن جمهور المسرح "اختفى". هل هذه المبادرات، التي نراها في مسرح بابل وفي مسرح المدينة وباقي المسارح، تستطيع تحسين وضع المسرح اللبناني؟

المسرح بحاجة إلى 3 أمور : اعمال مسرحية، جمهور ونقّاد. وللحقيقة اليوم في لبنان لا يوجد ناقد مسرحي يتابع الأعمال بل "بيجي واحد بيحضر العمل بيكتب وبعدين بيجي غيرو". النقد المسرحي هو استمرارية ودعم اعلامي وبالتالي جمهور المسرح يعتاد تدريجيا على المسرح خصوصا أننا فقدنا هذا الجمهور وبالتالي يجب جذبه مجدداً من خلال الاعمال الجيدة والمتابعة الاعلامية الكافية.

وهل الشق المادي له تأثير؟ خصوصاً أن "المسرح ما بربّح" بنظر البعض؟

يمكن للشخص التعديل بالمصاريف في العمل المسرحي لكي لا يخسر. ولكن "مش كل شي بالحياة بربّح". المطلوب اليوم أن يتجه المسرح أكثر نحو الشباب حتى في المدارس لا يوجد ثقافة المسرح والأهل لا يصطحبون أولادهم اليه وبالتالي لم يعد لدينا عادة ارتياد المسارح.

بالعودة إلى العمل ، كم استغرق تحضير مسرحية "الدب " ؟

التحضير تطلب بعض الوقت، لأن زياد نعمة مهندس وآليسا عيسى طالبة علم النفس وستيفاني غجر طالبة اعلام. لقد تدربنا على العمل لمدة 3 أشهر تقريباً وعرضنا العمل في جامعة البلمند ليومين والآن عرضناه في بيروت وهذا طبعاً من اجل الخروج من الجامعة ومقابلة الجمهور "المختلف" والمنوع .

ماذا تخبرنا عن أجواء العمل والرسائل التي ركزت عليها ؟

بالحقيقة ، العمل هو لقاء بين الأصدقاء، وهو بالنسبة عبارة عن "وجبة" حضرناها ودعينا الجمهور ليتذوق معنا عملاً فنياً كتبه "انطون تشيخوف" الذي هو من أهم كتاب المسرح والذي يوازي شيكسبير في الأهمية.

ما هي الأعمال المستقبلية التي تجهزها؟

طبعاً هناك اعمال مستقبلية. وأنا أفكر بالعمل على نص لعصام محفوظ وهو كاتب لبناني مسرحي لم يسلط الضوء عليه كثيراً . كما أنني أفكر بالعودة إلى النصوص الكلاسيكية مع شيكسبير، عصام محفوظ، الكاتب السوري عبدالله ونّوس ...

لماذا يتم الاعتماد على اعادة احياء نصوص قديمة؟ ولماذا لا يتم تحضير نص مسرحي جديد ؟

سؤال صعب. ولكن كرجل مسرحي علي ان أكون قاسياً وأقول لك انه لا يوجد نص مسرحي. "اذا حدا عندو نص مسرحي يبعتلي ياه".

اضافة إليك وإلى الممثلين الذين يشاركون في العمل، من ساعدكم أيضاً من ناحية الصوت والاضاءة ...

أريد أن أشكر جاكور رستيكيان الذي تولى "السينوغرافيا" وأغوب ديرغوغاسيان الذي تولى الاضاءة. لقد عملنا كعائلة في هذا العمل .

ماذا عن تعاون جامعة البلمند ومسرح بابل؟

البلمند ممتازة. انا اعلّم في الجامعة وهي دعمتنا وساعدتنا وسهلت لنا كل الأمور. كما أن مسرح بابل استقبلنا وساعدنا كثيراً والسيد جواد الأسدي انسان "كتير قريب للناس" وساعدنا كثيرا.

في الختام شكرا لك وبالتوفيق.

انا أشكركم كثيراً على حضوركم.

ستيفاني غجر

أهلا وسهلا بك عبر "الفن" . انت اليوم تشاركين في عمل مسرحي "الدب". اخبرينا بداية عن فترة التحضير لهذا العمل وما الصعوبات التي واجهتها ؟

في البداية بدأنا العمل بنكهة كوميدية بعدها صرنا كلما تمرنّا على العمل كلما تمكنا أكثر من الشخصيات. الصعوبة كانت في تملك الشخصية التي اجسدها وبناء التواصل المطلوب مع الجمهور.

العرض أمام جمهور مسرح "بابل" مختلف عن جمهور الجامعة. كيف تشعرين حيال هذا الموضوع ؟

عندما عرضنا العمل في الجامعة ، كان العرض الأول "كوميديا ع الآخر" أما العرض الثاني فكان "دراما على الآخر". وبالتالي علينا أن نكون جاهزين للتواصل مع الجمهور مهما كان نوعه.

كيف كان التعاون مع شارل ديك ومع باقي الممثلين؟

"كتير هيّن".. لقد صادف أن تعرفنا على بعضنا قبل المسرحية.

الشخصية ادتها سابقا ممثلات محترفات. هل شاهدت العروض السابقة للعمل وتابعت اداء الممثلات فيها ؟

كل العروض التي شاهدتها كانت كوميدية، شارل ادخلنا إلى العمل وكأنه يقدّم للمرة الأولى وعلينا أن نضع لمساتنا الشخصية فيه. وهذا حملني مسؤولية أكبر على الطريقة التي سأقدم فيها شخصية "بوبوفا".

في الختام كيف تصفين هذه التجربة ؟

انها تجربة فريدة من نوعها بالفعل.

زياد نعمة

زياد أخبرني عن هذه التجربة التي تخوضها في مسرحية "الدب"؟

بداية هذه ليست المرة الاولى التي نعرض فيها العمل فسبق أن قدمنا المسرحية في البلمند وقد نالت اعجاب الجمهور لذلك قررنا نقلها إلى بيروت. صحيح نحن لسنا طلاب معهد التمثيل ولكن اعتبر أنني محظوظ بفرصة العمل مع شارل ديك والتي اصفها بأنها " مسرح محترف بممثلين غير محترفين".

شخصية "الدب" التي تجسدها سبق وقدمت من قبل ممثلين محترفين.

نحن لم نقدم العمل كما سبق وقدّم من قبل. شارل أعطى العمل منحى مختلفاً من خلال الاخراج. لم يساعدني كثيراً مشاهدة العروض السابقة للعمل .

ما هي الصعوبات التي واجهتك ؟

أصعب شيء في هذا العمل أن شخصياته "بتقول شي وبتشعر بشي تاني ". أنا أقول كلاماً معيّناً ولكن الانفعال والشعور الداخلي مختلف عن نبرة الكلام. أضف إلى ذلك أن الدور لا يشبهني خصوصاً أن دور "الدب" هو أعنف شخصية في العمل.

كيف تلخص هذه التجربة ؟

لقد خرجت من العمل بدرس مهم من خلال الشخصيات التي قدّمها "تشيخوف" وصرت أعطي اهمية اكبر للعواطف. صرت افهم بأن ما يقوله الانسان ليس بالضرورة هو ما يشعر به.

كلمة أخيرة.

"بعز علي الناس تفهم قديش انا والعالم في هذه المسرحية مؤمنين بقيمة يلي عم نعملو مع شارل ديك".

آليسا عيسى

بداية ، كيف وصلت من "علم النفس" إلى مسرحية "الدب" ؟

أنا طالبة "علوم النفس" ولكنني أحب التمثيل كثيرا وخصوصا المسرح. وكنت محظوظة جداً لأنني تعرفت على شارل في الجامعة واشتركت معه في حصص المسرح. وقررت ان اخذها على محل الجد.

وماذا عن الدور الذي تقدمينه في العمل ؟

الجميل في الدور انه قريب من شخصيتي قليلاً ، وهذا يشكل تحديا اضافيا بأن تعرض جزءا من شخصيتك أمامك الجميع على المسرح. "اولغا" شخصية صعبة و"مش هينة" خصوصاً انها لا تظهر على المسرح كثيراً ولكن في كل اطلالة عليها أن تعطي طاقة كبيرة وعليها أن تكون دقيقة وسريعة وواضحة بما تقدم.

هل شاهدت العروض السابقة للعمل؟

بالطبع واعتقد أننا قدمنا المسرحية بالطريقة التي يجب ان تقدم فيها ومثلما تشيخوف يريد أن يراها على المسرح.

كيف وجدت هذه التجربة ككل ؟

انها تجربة "ولا أحلى من هيك" وقد اكتشفت سحر المسرح من خلال هذه المسرحية .

كلمة اخيرة .

اتمنى أن تنال المسرحية اعجاب الجمهور كما اتمنى أن يذهب لبنان أكثر إلى المجالات الفنية والجمالية لأنها الأجمل في العالم خصوصاً اذا "معمول على أصوله".

ملاحظات عامة:

العمل بشكل عام كان جيدا واداء الممثلين كان جيدا بالنسبة لهواة .

يتميز شارك ديك بادارته للممثلين وهذا ما ظهر خلال العرض.

هناك بعض التعليقات على ترجمة النص واستخدام بعض التعابير التي من الممكن استبدالها بأخرى تحاكي أيامنا هذه أكثر.

الاضاءة والديكور جيدان .

الحضور كان لافتاً بحيث لم يقتصر فقط على طلاب البلمند بل لاحظنا وجود طلاب مسرح من جامعات أخرى.

يشهد لهذا العمل بتنظيمه الجيد جيداً والتزامهم بالوقت.