أسطورة حقيقية والهرم رقم واحد في الفن السوري وفي الحركة الفكرية السورية على مر تاريخها.

لا يمكن أن نتكلم بالماضي إلا ويحضر اسمه.. ولا يمكن أن ننطق كلمة واحدة عن حاضر الفن والفكر إلا ويبرز بوجهه وتاريخه... لذا فإن المستقبل، ولعصور وعصور، سيتناوله كحالة فريدة لا شبيه لها في سورية وحتى العالم العربي.

النجم دريد لحام ابن الخامسة والثمانين عاما يحل ضيفا على الـ"الفن" في حوار نركز فيه على الفن والحالة العامة في سورية.

مع عرض مسلسل بواب الريح، دخلت في تصوير مسلسل "ضبوا الشناتي" وأنت في فترة استراحة.. ما اللافت في هذا العمل الاجتماعي حتى وافقت؟

اللافت ببساطة هو أنه يستحق أن يتحول إلى ما يشبه الوثيقة للأحداث السورية الحالية ولحال المواطن السوري فيها، وآلام العائلات، وتضارب المواقف في الأسرة الواحدة، ما بين أب له توجه وابن له توجه مختلف. الفكرة رائعة، وشاهدت حلقاته في البداية وأعجبت بها، فكان علي أن أوافق على الحضور في حلقتين من هذا العمل المهم.

هل نستطيع القول بأن تجاربك السابقة مع المخرج الليث حجو أثرت في موافقتك على العمل؟

مع الأستاذ الليث اشتغلت في تجربتين ناجحتين جدا هما الخربة و "سنعود بعد قليل" والليث ناجح في كل أعماله ومشهود له بالكفاءة، وبالتالي ليست تجاربي وحدي ناجحة معه بل تجاربه كلها. لكن هذا لا يكون شرطا للمشاركة في "ضبوا الشناتي"، فنجاح التجارب السابقة مع الليث لن يكون لها مفعول في هذا العرض لو كان غير مجدٍ. الفكرة رائعة وفريق العمل متجانس فكان لا بد من الموافقة ولو كضيف في حلقتين.

بم يختلف ضبوا الشناتي عن مسلسلات اجتماعية أخرى تتناول الأزمة السورية؟

كل الأعمال أخلصت للحالة السورية وحاول القائمون عليها تصوير الواقع بهدف أرشفة هذه المرحلة العصيبة على السوريين وعلى الوطن. لكن ما يلفني في "ضبوا الشناتي" أنه يأتي باسلوب خفيف وقريب من كل مواطن، وتمتزج فيه الابتسامة بالدمعة، فيمكن أن نعتبره بحق كوميديا سوداء.

هذا يأتي بعد انتهائك من مسلسل بواب الريح.. ما الذي شدك إلى هذا العمل البيئي الشامي بعد انقطاع طويل جدا عن دراما البيئة الشامية؟

المرحلة التي يتبناها المسلسل وهي مرحلة الحرب الأهلية في لبنان في العام 1860 والتي أدت إلى تأثر دمشق والمدن السورية بها. هناك توثيق للمجتمع الدمشقي في تلك الفترة، وفيه أيضا استحضار للصورة الواقعية التي كانت في تلك المرحلة وبخاصة مسألة التعايش الديني بين أبناء الطوائف المختلفة، من مسلمين ومسيحيين ويهود.

هذا المسلسل يأتي ليقول هذه هي دمشق على حقيقتها.. وفي ذلك رسالة للسوريين اليوم عن ماضيهم وحقيقتهم، وللخارج أيضا عن جوهرنا.

أحببت الفكرة وقرأت النص وتعرفت إلى الفريق الذي سيخوض العمل. ولي ثقة كبيرة بالمخرج المثنى صبح فوافقت على المشاركة فيه.

هل أحرجك تصريح الفنان أيمن زيدان عن عدم جواز وجودك في مسلسلات كهذه باعتبارك أسطورة؟

لا لم يحرجني بل جعلني أشعر بالسعادة لكون إنسان نبيل ويملك معدن أصيل تناولني بما تناولني به الأستاذ أيمن. أيمن اعتبر تاريخي سببا لعدم مشاركتي في مسلسلات أدعى لها، بل يجب علي (بحسب أيمن) أن أنتظر مسلسلات تكتب خصيصا لي. أشكره كثيرا على مشاعره وعلى وصفه، لكن كما قلت في جوابي على كلامه بأن الفنان يضطر أحيانا للمشاركة في مسلسلات تعجبه أفكارها أو بنيتها أو الهدف الذي صنعت هذه المسلسلات من أجله.

حول وصفك لطبيعة باب الحارة فهم البعض أنك هاجمت المسلسل.. ماذا تقول في ذلك؟

هذا غير صحيح، وتصريحي واضح جدا في هذا الإطار. قلت بأن مسلسل باب الحارة حكاية جميلة وتستحق المتابعة وأنا أشاهده لأكثر من سبب، لكن بالنسبة لكون البعض من القائمين عليه يقولون بأن المسلسل يوثق لدمشق عن ماضيها، فهذا غير صحيح، لأن المسلسل في جوانب كثيرة لم ينصف دمشق، وبخاصة في شأن المرأة الدمشقية التي لم تكن في الثلاثينات مثلما يصورها المسلسل.

كيف كانت إذا؟

كانت متعلمة، مثقفة، عاملة، مربية، سياسية، طبيبة، خطيبة، مناضلة... هناك نساء حاربن في الجبهة مع الجنود في الثورة السورية الكبرى.. وهناك صحفيات ورئيسات تحرير صحف.. وهناك شاعرات في تلك الفترة وحتى قبل تلك الفترة.

هذا الجانب أهمله مسلسل باب الحارة، فكان لا بد من أن أشير ألى هذه النقطة، مع الحفاظ على أحقية العمل بأن نعترف له بأن قصته جميلة ومثيرة وتستحق المشاهدة والمتابعة.

كنت ممن حضروا خطاب القسم للرئيس بشار الأسد.. كيف هو شعورك؟

أشعر بالفخر عندما أجلس في إحدى أهم محطات سورية وأكثر لحظاتها مصيرية. الدعوة كريمة وهي تكلّف المدعو الكثير للقادمات، حيث يصبح من مسؤولية كل شخص حضر في هذه المحطة أن يعمل ويعمل ويعمل من دون كلل أو ممل.

حضرت وعلى صدرك وسام الاستحقاق الذي حصلت عليه قبل سنوات من الرئيس الأسد.. ما الرمزية في ذلك؟

لا شيء محددا لكن ربما أردت أن أحمل الجائزة التي حصلت عليه من بلدي في أهم لحظة من حياة هذا البلد.

على ترى أن المعاناة لدى السوريين في طريقها للزوال؟

بالعمل يصبح كل شيء حقيقة. علينا أن نسعى ونجهد لجعل هذه المعاناة جزءا من الماضي.. والذي أراه الآن يؤشر إلى أننا ذاهبون إلى القضاء على آلامنا ومعاناتنا.

ماذا تقول لمن ثبت أن موقفهم منذ أول الأزمة كان خطأ وبخاصة الفنانين؟

لا أقول، بل أدعو الله أن يرجع كل إنسان إلى صوابه، إلى بلده، إلى أصله، إلى جوهره، إلى معدنه... أدعو الله ألا يبقى سوري خارج حدود البلد. سورية تحتاج للكل، يعني للكل... لا مجال للتفريط بأي سوري في هذا الظرف الذي خسرنا فيه آلاف بل عشرات الآلاف من اولاد البلد.

في العام القادم.. أين ستكون سورية حسب رؤيتك؟

إنشاء الله ستكون في المكان الذي يحلم به أبناؤها لها، وفي الوضعية السليمة، وتكون عمليات بناء الوطن تسير على قدم وساق.. وتكون السنوات الثلاث الماضية مجرد حكايات ولو مؤلمة، نستزيد بها لدرء أخطار المستقبل عنا وعن أولادنا .