إنها ليست حفلة إعتيادية، لكنها بدت أقرب إلى الحدث الوطني والفني ، فالفنان اللبناني مارسيل خليفة العائد إلى أضواء مدينته جبيل بعد غياب سنوات طويلة فرضتها الحرب والصراعات السياسية، ليس مجرد واحد من أبرز مؤلفي الموسيقى وعازفي العود في العالم، أو أحد أبرز واضعي تجربة عظيمة في الأغنية الثورية والسياسية، أو مناضلاً لم يتعب من اللهاث نحو أحلام وطن حقيقي فحسب.

.. مارسيل اليوم يعود إلى حيث كان فتىً جموحاً بأحلام الثورة والحرية.

"كلما نظرت الى جبيل رأيت فيها قوس قزح أتخيّله، أتصوّره لو لم يكن موجوداً، أراه بين الغيم.. في جبيل تعرفت الى الوطن، تعرّفت على الآخر، في جبيل تكوّن عندي لبنان، تعرّفت الى التاريخ وكيف يكتب عبر العصور".. هكذا كان شعور خليفة حين وطأت قداماه خشبة المسرح، في مهرجانات بيبلوس الدولية يوم أمس الخميس.

عاد خليفة إلى جوار القلعة التي غنى فيها ذات يوم من عام 1971، جمهور من مختلف المناطق اللبنانية من الجبل والشمال وبيروت والبقاع والجنوب ، كما أحبّ أن يُطلق خليفة على حفلته "حفلة تجمع كل اللبنانيين من مختلف المناطق".. كان في إنتظاره قبل ساعتين من بدء الحفل.

عند الساعة 10 مساءً كل الأنظار توجّهت الى خشبة المسرح، حتى بحر جبيل وهوائها كانا في إنتظار العائد الى بيته، الى الحنين والذكريات. صعد خليفة على المسرح مع موجة من التصفيق، وبدت على وجهه ملامح الفرح والسعادة وكأنه طفل صغير في حضن أمه.

قدّم خليفة مع فرقته "الميادين" مجموعة من الأغاني القديمة والجديدة، منها "الجسر"، "نشيد الخبز والورد"، "سجر البن"، "غنّي قليلاً يا عصافير" (كلمات جوزيف حرب)، "يا بحرية" ومقطوعات موسيقية مثل "تانغو لعيون حبيبتي"، بمشاركة أميمة الخليل وعبير نعمة والفنان المصري محمد محسن، و80 عازفاً من الأوركسترا الفيلهارمونية اللبنانية، بقيادة هاروت فازليان، بالإضافة إلى كورال من 60 شخصاً، من جامعة سيدة اللويزة، بقيادة الأب خليل رحمة، ومن الجامعة الأنطونيّة بقيادة الأب توفيق معتوق، وسوليست من فرقة الميادين، فضلاً عن مشاركة بشار خليفة (بيانو) ورامي خليفة(Percussion)، جوليان لابرو (اكورديون)، والسوبرانو الالمانيّة فيليسيتس فوشس.

ولم ينسَ خليفة أن "يوجّه تحية لفلسطين وشعبها الصامد بوجه الإحتلال والى أطفال غزة وكل الشعوب العربية الثائرة ضد الإستبداد وظلم الأنظمة العربية".

مشاركة خليفة في برنامج مهرجانات بيبلوس الدولية لها معناها الخاص، كونها عودة بعد مشوار طويل من النفي والتألق... في حفلة متميزة وممهورة بإختبار التجربة، وبالخلاصات المهمة للتجوال في الفن والعالم، هو العائد الى مدينته جبيل يحنّ الى خبز أمه وصوت أبيه.

لمشاهدة ألبوم الصور كاملاًإضغط هنا .